موسيقى أجراس الرياح

1٬558

انسام الشالجي /

مما لاشك به أن أموراً صغيرة قد لا تجلب انتباهنا، لكنها تمنح الكثير من الطاقة الإيجابية للبيت، وبدورها تمنح الاسترخاء الذي يساعد على التعامل مع متاعب الحياة خاصة بعقلانية ومواجهتها بهدوء.
آلة سحرية
هذه الآلة اسمها (جرس الرياح) التي يعود تاريخها إلى ٥٠٠٠ قبل الميلاد أو هو هذا تاريخ العثور على بقايا أول أجراس الريح في الصين، وربما استخدمت قبل هذا التاريخ بكثير. وتقول الأبحاث إنها استخدمت في الصين، في البدء في المعابد تحديداً وكانت تدق أو تعزف يدوياً إيذاناً ببدء الصلاة، وربما في يوم عاصف دخلت الرياح الى داخل المعبد وبدأت الآلة تعزف لوحدها، والذي استمع إليها شعر باسترخاء وطاقة على العمل، فكان أن نصح بوضعها في حدائق المنازل وعند أبوابها ونوافذها لجلب الطاقة الإيجابية، وكان له ما أراد. وغادرت أجراس الرياح المعابد وأصبحت ضرورية في المنازل.
واستناداً إلى أبحاث تاريخية أخرى، فإن هذه الآلة كانت معروفة في مناطق أخرى من العالم القديم وقبل آلاف السنين، ولكن لمهمة أخرى، فقد كانت تعلق في الحقول لإخافة الطيور وإبعادها عن المحاصيل وربما كانت ناجحة في مهمتها تلك أكثر من خيال المآتة الذي لا يخيف صمته وجموده الطيور.

انتباه
ببساطة، من بين الأمور البسيطة التي لا تجلب انتباهنا، كما كتبت في المقدمة، تقف هذه الآلة في مقدمتها، ولنبتعد عن الصورة السيئة التي قدمتها السينما الأميركية في أفلام الرعب عنها، ففي هذه الأفلام تتحول هذه الآلة الرقيقة إلى أداة شر ، وفي فلم نسيت اسمه تقدم بطلة الفلم القاتلة جرس رياح لتعلقه المرأة التي خططت لقتلها عند نافذتها، ويكون الدليل إلى بيتها، وآخر هذه الأفلام وليس الأخير هو ( wind chimes- جرس ريح ) الذي أنتج في ٢٠١٤ وإن كان الرعب فيه لا يقاس بالأفلام الاخرى.
في رأيي المتواضع فإن هذه الأفلام ليست للمشاهدة والأرباح فقط، إنما للإساءة إلى التقاليد الشرقية الجميلة ودفع اُسلوب الحياة المريحة للبال إلى أسلوب متسارع يتعب الشخص كثيراً ويجعله قلقاً على الدوام ويصعب عليه اتخاذ القرارات المصيرية، أحياناً..

عزف الريح
في الموروث الصيني، حيث للطاقة الإيجابية دورها الكبير في تحسين اُسلوب الحياة، وفي الواقع، فإن هذه الطاقة موجودة في غالبية موروثات الشرق، كل مجتمع حسب تقاليده.. ولا بأس أن تتبادل مجتمعات الشرق تقاليدها نحو حياة أفضل تعتمد الطاقة الإيجابية، وبالتالي التسامح والمحبة.
قطعاً يرعبنا هدير الرياح في العواصف، لكن هذه الآلة تعزف لنا الريح وتجعل البيت مع أصغر نسمة هواء ممتلئاً بصوت رخيم ناعم يرغمنا على الاسترخاء.. ولأنها تصنع من خامات مختلفة، فإن الأجمل صوتاً هي المعدنية بالنسبة لي وللخشبية صوت آخر أشعره حنيناً. ولجلب الطاقة الإيجابية، من المستحسن أن يتم تعليق جرس الريح في الحديقة أو الشرفة أو عند الباب او النافذة في الجنوب الشرقي من البيت وإن كان صعباً لعدم توفر نافذة أو باب، مثلاً، ففي الشرق. لكن بعض خبراء الطاقة الإيجابية يتعاملون مع جرس الريح استناداً إلى خامة صنعها واختلاف استجابتها للطبيعة، لذلك ينصحون أن يتم تعليق المصنوع من المعدن في الشمال الغربي من البيت والخشبية في الجنوب الشرقي.. وهذه الأجراس، فضلاً عن عزفها للرياح، فهي تضيف لمسة جمالية إلى البيت وتصبح قطعة ديكور مطلوبة.

اصنعيها بنفسك
تصنع أجراس الرياح من خامات مختلفة معدنية وزجاجية وفخارية وخشبية وغالباً ما تكون عبارة عن أنابيب مختلفة الأطوال والأحجام ويتم تشكيل أجزائها استناداً إلى حسابات هندسية برع بها صانعوها مند القدم لتمنح الأصوات الموسيقية الرقيقة كلما مرت بها الرياح. ولندرة توفرها في الأسواق العراقية، نستطيع أن نصنعها في البيت، صحيح أن صوتها يختلف، لكنها تمنح المتعة والراحة نفسها وربما أكثر لأنها من صنع أيدينا..
نستطيع أن نصنع جرس رياح من الأغطية المعدنية لقناني المشروبات الغازية، تثقب هذه الأغطية من الجوانب وتمرر منها خيوط نايلون مختلفة الأطوال والألوان ومن ثم يتم عمل ثقوب حول غطاء علبة حليب كبيرة وثقبين وسطه وتعلق خيوط النايلون في الثقوب الجانبية وخيوط متينة في الثقبين الوسطيين ويصبح الجرس جاهزاً للتعليق في الحديقة او عند الباب ويمكن استبدال أغطية القناني بالقواقع البحرية الملونة والمتوفرة في السوق. وبإمكاننا أن نصنع جرساً من اقلام الرصاص، أيضاً، ولاسيما أن لها ألواناً زاهية، نأتي بأقلام مختلفة الأطوال ونعلقها من نهاياتها بغطاء علبة الحليب..