صديقي البطريق!

756

جمعة اللامي /

“لا يقول السعيد وداعاً، ولا يسمع كلمة وداع”
(وليام لندور)

ماذا يقول طائر البطريق في ساعته الأخيرة؟
أنا لا أعرف الجواب. ولا غيري، لاسيما أولئك الذين درسوا حياة هذا الطائر، الشبيه بالبشر في أمور كثيرة، يعرفون الجواب أيضاً. لكن الذي أعرفه ويعرفه غيري، سلوك واحد فقط.
ثمَّ، هل يودّع هذا الطائر، طائراً من سربه أو قبيلته في تلك الساعة؟ وهل هو يؤكد مقولة الإنجليزي وليم لندور، في ساعته الأخيرة؟ سنظل أنا، وأنت أيضاً عزيزي القارئ، في الدائرة المغلقة ذاتها، بينما طائر البطريق يمضي في طريقه إلى “الغرفة الأخرى” التي تلي “غرفتنا الأولى”، نحن بني الإنسان : حياتنا!
قبل أبي العلاء المعري، وقبل نيتشة، كان هذا السؤال: “من أين أتينا؟ وإلى أين نمضي؟ ولماذا نموت؟ ولماذا نحيا؟ هذا ابن الأسئلة جميعها، وعليه دارت اهتمامات بني الإنسان، منذ كانوا قبيلة في فرد، إلى أن تحولوا جميعاً إلى قبائل، لم تنس فرديتها أيضاً.
هنا، حارت الألباب، وتكدَّرت العقول. أو ثارت ثائرة أصحاب تلك العقول، فأقبلت على الحياة إقبال العطشان على الماء وهو في الصحراء، وكما يسير عطشان خلف سراب، ولعمري أن المسألة محيرة أكثر وأكثر، فما قولك بمن يجيب على تلك الأسئلة، عندما يتخذ طريقه إلى جبل يعتقد أنه يحميه من الغرق، بينما لا بادرة واحدة تشير إلى طوفان.
ولكن، أية إشارة، جعلت همنغواي يلتقط بندقية الصيد الخاصة به، ثم يطلق الرصاص على أسفل حنكه، ويردي نفسه صريعاً؟ وهل صحيح أن سقراط تناول السم، رداً على حماقات زوجته؟
والسؤال الأكثر جدلية الآن: “لماذا يختار طائر البطريق، في لحظةٍ ما بعد أن يعتزل سربه وعشيرته، ولا يأبه لأي شيء في طريقه، يثنيه عن اختياره هذا؟”
لماذا تختار الموت انتحاراً، صديقي البطريق؟