المصور الفوتوغرافي هاشم الحكيم: عدسة الكاميرا توثق الزمن

964

محسن ابراهيم /

بين جمالية الإبداع والحرفِية والجودة، يحلّق المصور هاشم الحكيم في عالم الفوتوغراف، يترصد الإحساس في كل لقطة ويأنس بالأشياء فيصورها، بين أزقة بغداد وشناشيلها حيث أصحاب الحِرف، عايش الناس ووثّق حياتهم، ومنذ أول كاميرا اقتناها في ستينات القرن الماضي ما زال الحكيم يرسم لقطاته بريشة الفنان. مع هاشم الحكيم كان لنا هذا الحوار:
* كيف كانت بدايتك مع التصوير الفوتوغرافي؟
– اقترنت بدايتي مع التصوير الفوتوغرافي نهاية ستينات القرن الماضي، إذ كانت أولى الكاميرات التي اقتنيتها هدية من ابن عمي، وأولى تجاربي الفنية الناجحة في عالم التصوير كانت أثناء سفرة مدرسية، إذ أدهشت الصور كل من شاهدها، وهذا ما شجعني وأصبح حافزاً لي لبذل جهدي كله في مجال التصوير وتطوير مهارتي، أما أجملها فكانت في أزقة بغداد واليوميات البغدادية، حيث أصحاب المهن والحرف، كانت تجارب ناجحة شجعتني على المشاركة في مسابقات التصوير فأحرزت الفوز في عدد منها، وعززت مشاركاتي في معارض عدة للتصوير.
أحببت هذا المجال من الفنون، ما دفعني لاقتناء جهاز طبع الصور وبمساعدة أخي الأكبر في تعليمي على تحميض وطبع الصور، ومنذ ذلك الحين بدأت رحلتي الاحترافية في عالم التصوير. في عام 1977 عملت بصفة مصور صحفي في جريدة الجمهورية حتى عام 1982، كما تسلمت مهام رئيس قسم التصوير الصحفي في مجلة ألف باء حتى عام 1990م، بعدها عاودت العمل في جريدة الجمهورية مصوراً صحفياً.
*يقال إن الصورة الأولى للمصور هي أسوأ أعماله؟
-لا بالعكس، هي ليست بأسوأ صورة، لكن الصورة الناجحة هي التي تسهم في استمرارية التطوير والإبداع، ومع مرور الزمن يكون هناك فارق، فكلما تتقدم في مزاولة المهنة تكتسب الكثير من الخبرة، إذ تكتشف أموراً أخرى من ناحية الزاوية والظل والضوء ونوع العدسات وتقنية التصوير وتحميض الصورة وطبعها، وأنواع الورق، بالإضافة إلى تطوير أدوات المصور في فن التصوير. وبعد هذه السنوات الطوال من العمل يكون هنالك رابط كبير بين الصور القديمة والحديثة.
*في العراق ثمة ما يشجع على الالتقاط والتصوير، هل المصور الفوتوغرافي بحاجة فقط إلى البحث أم أن عليه رؤية المشهد قبل التقاطه؟
– هناك مشاهد مميزة جداً للصور الفوتوغرافية يشجع على توثيقها التنوع في طبيعة الأرض ويجعل المصور في لحظة استعداد دائم لالتقاط صورة هنا وصورة هناك، الأهوار في جنوب العراق والبيئة الغنية بالكثير من الموضوعات، شمال العراق وطبيعته الساحرة، وسط العراق وآثاره عبر التاريخ، كل هذه الأجواء تجعل المصور حاملاً كاميرته على كتفه دائماً، هنالك موضوعان لالتقاط الصورة الفوتوغرافية: ففي بعض الأحيان يبحث المصور عن لقطة فنية ويختار المكان والزمان المناسب ليخلق صورة رائعة كما هو الحال عند تصوير المناظر الطبيعية، وهنالك حدث غير ثابت لابد للمصور أن يوقف عجلة الزمن ليوثّقه.
*الصورة الصحفية لا تقل أهمية عن أية صورة فوتوغرافية أخرى، كيف تعاملت معها؟
-الصورة الصحفية يقيناً لا تقل أهمية عن الصورة الفوتوغرافية، لكن الفرق يكمن في أن الصورة الصحفية، عند التقاطها ونشرها في الصحف والمجلات أو عبر برامج التواصل الاجتماعي، هي رسالة سريعة ومقروءة للمتلقي دون أن تكتب أي خبر، لذلك تكون الصورة الصحفية مهمة جداً، ولديّ الكثير من الصور التي نشرتها في جريدة الجمهورية ومجلة ألف باء أغنت عن كثير من المقالات الصحفية وأثبتت مصداقية الخبر.
*في هذا الزمن وهذه الفورة التكنولوجية التي طالت عالم الفوتوغراف، ما الفرق في التعامل بين الكاميرا الرقمية وغيرها؟
-عند تطور التكنولوجيا وأجهزة التصوير وظهور الكاميرات الرقمية أصبحت الكاميرا في متناول كل يد، بعد أن كان عالم التصوير الفوتوغرافي عالماً خاصاً تشكل الاحترافية ركنه الأساس. الآن بإمكان أي فرد أن يلتقط أية صورة دون عناء متجاوزاً جميع أسس التصوير مثل اختيار مصدر الضوء أو فتحة العدسة وإظهار الصورة بأفضل ما يكون، فأصبح التعامل مع الكاميرا بسيطاً جداً لأنها هي التي تتحكم بالمصور، أما الإبداع فيكمن في التعامل مع الكاميرا الفيلمية لأن المصور هو الذي يتحكم في كيفية التقاط الصور على أكمل وجه.
*للضوء والظل دور كبير في صناعة صورة ذات بعد وعمق، ما علاقتك بالظل والضوء؟
-للظل والضوء دور كبير في صناعة الصورة الفوتوغرافية، لا سيما بالأسود والأبيض، هنا تبدأ المحاكاة بين المتلقي والصورة ويبدأ فيها العمق الفني وتتجلى خبرة المصور في اختيار فتحة العدسة وسقوط الضوء على الكادر حيث يعطي جمالية للصورة، وشخصياً أعشق التصوير بين الظل والضوء إذ لولاه لما تعلمت التصوير ولما وصلت الى هذه الخبرة.
*مشوار حافل بالعطاء.. ما أبرز محطات هذا المشوار؟
-حصلت على شهادة دبلوم عال في التصوير الصحفي من منظمة الصحفيين العالمية intpress photo في سويسرا وشهادة تقديرية من شركة دورست في التصوير الملون في إيطاليا وشهادة دبلوم في التصوير الفوتوغرافي من شركة أكفا كفرت في المانيا وشهاده تقديرية في التصوير الفوتوغرافي من شركة كوداك وشهادة تقديرية في الإخراج التلفزيوني من تلفزيون العراق عام 1995، شاركت في كثير من المعارض للصور الفوتوغرافية في العراق وكثير من الدول العربية والعالمية، وعملت الكثير من المعارض الشخصية، وأنا عضو في كل من نقابة الصحفيين العراقيين واتحاد الصحفيين العرب، وجمعية المصورين العراقيين ونقابة الفنانين العراقيين.