حين يعبر الفن حدود الوطن: نجوم عراقيون يعانقون العالمية

75

محسن العكيلي /

أشرق جيل جديد من الفنانين العراقيين، تجاوزوا الجغرافيا، وتركوا بصماتهم في فضاءات لم يكن لأحد أن يتخيّل أن أسماءهم ستتردد فيها. لم يكونوا مجرد ممثلين، أو موسيقيين، أو مخرجين، بل كانوا رُسلًا لحكاية العراق، ذلك الوطن الذي، رغم جراحه، لم يفقد صوته.

بالرغم من أن العراق قد أنجب من قبل أسماءً بارزة حفرت بصمتها في المشهد الفني العربي والدولي، ككنعان وصفي وقائد النعماني، فإن الموجة الجديدة تحمل طابعًا مختلفًا، أكثر جرأة وتنوعًا، ما يفتح الباب أمام مزيد من الإنجازات التي قد تضع اسم العراق في صدارة المشهد الفني العالمي.
أمير إحسان
في قلب الدراما التي تستلهم نبض الواقع، وقف أمير إحسان، المخرج والممثل والكاتب، ليحمل على كتفيه سرديات لم تُروَ، وقصصًا ظلت حبيسة الظلال. ابن بغداد، المولود عام 1992، الذي نهل من معهد الفنون الجميلة أول دروسه، لم يكن يومًا مجرد ممثل عابر، بل كان وجهًا يحمل في قسماته لغة السينما، ويحفر اسمه في سجل الإبداع العربي والدولي.
عبر بوابة Netflix، أطلَّ إحسان في مسلسل (وحوش)، مجسّداً الألم، وحمل عبء القصة على عاتقه، حتى بات الجمهور لا يرى الشخصية، بل يراها فيه.
ألكسندر علوم
نحو ساحات الدراما العالمية، كان الطريق طويلًا، لكنه لم يكن مستحيلًا. علوم، الذي أضاء الشاشات العراقية في أعمال مثل: حيرة، الساتر الغربي، وأم بديلة، أصبح اليوم جزءًا من رواية تاريخية تُسرد بعدسات عالمية.
عبر بوابة (أمازون برايم)، أطلَّ في مسلسل (بيت داوود)، حيث ارتدى عباءة الملك أكيش، الحاكم الفلسطيني الذي وقف إلى جانب النبي داوود في أحلك لحظاته.
لم يكن هذا العمل مجرد دراما، بل كان رحلة في الزمن، حيث التاريخ يُعاد تشكيله، ليس فقط بالكلمات، بل بالمشاعر التي تفيض من عيني ممثلٍ يحمل في داخله كل تناقضات العالم.
أحمد مونيكا
في كل نغمة يعزفها، هناك نهر دجلة يجري، وهناك أزقة بغداد تتمايل مع الإيقاع. أحمد مونيكا لم يكن مجرد موسيقي، بل كان صوتًا حمل العراق إلى أصوات العالم، فجعل المقام العراقي يرقص على إيقاعات إفريقيا، وجعل أرواح الشرق تلتقي بنبض الغرب.
عبر ألبومه (كنزة أوفلا)، رشّح ليكون أول فنان عراقي يصل إلى جائزة (جونو) الكندية، لكنه لم يكن مجرد ترشيح، بل كان اعترافًا بأن الموسيقى العراقية لم تعد مقيدة بجغرافيا المكان، بل باتت لغة تُخاطب العالم.
في فرقته التي تضم موسيقيين من كل بقاع الأرض، كان مونيكا هو الجسر، هو الوتر المشدود بين بغداد وتورنتو، بين الماضي والحاضر، بين الحنين والمستقبل.
سامية الرحماني
في مسرح الطفولة، وقفت سامية الرحماني لتقول لنفسها: “سأصل يومًا”. ولدت في لندن لأبوين عراقيين، وعاشت بين كندا والأردن، لكنها لم تعرف وطنًا أكثر سعةً من خشبة المسرح، حيث الحياة تُعاد كتابتها، وحيث الحدود تتلاشى.
تدربت في أكاديمية فانكوفر للفنون المسرحية، ثم في ستوديو (ويليام إسبر) في نيويورك، وحملت معها الحلم من مسرح المدرسة إلى أضواء السينما.
عملت مع المخرج الحائز على الأوسكار بيتر فاريلي، وظهرت في أفلام مثل Child Bride وMixed Baggage، وكانت وجهًا مألوفًا في الدراما الكندية. لكنّها لم تتوقف هنا، فهي تطرق اليوم أبواب هوليود، ليس كمجرد ممثلة، بل كصوت يحكي للعالم أن العراق، رغم كل شيء، لا يزال يصنع الجمال.