علي الحمراني: يقاتل ويعلّم أبناء الفقراء ويحلم بمستقبل وضّاء

1٬913

اية منصور /

بقلبٍ مؤمن وروح محلّقة في سماء الحلم، يحدثنا عن طلبته وابتسامته لا تغادر شفتيه، يسرد قصصهم كمن يتحدث عن صغاره الأشقياء. إنه علي الحمراني، الشرطي المنتسب في وزارة الداخلية، يخدم بلده، ويدرِّس طلبة الحي، في الوقت الذي يواظب فيه على إكمال دراسته.
علي الحمراني، أكمل دراسته الإعدادية، الفرع التجاري عام 2010، وكان الأول على قضاء المجر الكبير، ومن ضمن العشرة الأوائل في العراق، منعته ظروف الحياة وصعوبات توفير لقمة العيش لعائلته من إكمال دراسته، فانخرط في سلك الشرطة- قيادة ميسان – الأفواج القتالية.
يقول الحمراني :أكملت مرحلة الإعدادية ٢٠١٠ -٢٠١١، بعدها دخلت المعهد التقني قسم المحاسبة، لولعي بمادة الرياضات وحبي إياها، لكن الظروف الصعبة اضطرتني إلى ترك الدراسة وأنا على مقاعد الامتحان النهائي في المرحله الثانية.
العراق أولاً
التحق علي مع زملائه في فوج طوارئ ميسان الخامس الى الرمادي وبقي هناك مدة كافية، صحيح أنه انشغل بواجباته القتالية عن دراسته، لكنه لم ينسَ حلمه. وعند انتهاء واجبه هناك، وبالتزامن مع محاولاته العودة الى المقاعد والمناهج، كان تنظيم “داعش” قد بدأ ينهش جسد البلاد فصار الحلم أبعد.. لكنه شرع في مهمة أخلاقية هي مهمة القتال مع الضمير من أجل الوطن، تأجّلت فكرة الحلم حتى إشعار غير مسمى حتى تحرير كامل التراب العراقي، وقد قاتل الحمراني في معارك كثيرة في الرمادي وتكريت وسامراء وغيرها من المحافظات.
الحصص المجانية
لاحظ علي الحمراني، عند نزوله في إجازته الدورية، أن هنالك الكثير من الطلبة غير القادرين على أخذ الدروس الخصوصية بسبب ظروفهم المادية، ولحبّه الشديد للرياضيات، كان يدرّس زملاءه وأقرانه في المعهد، ففكر ملياً بالعودة إلى هذا الطريق، من أجل معاونة هؤلاء الطلبة.
يقول علي: في عام 2015 افتتحت دورة في مادة الرياضات، بعد تسعة أشهر من البحث في الأسئلة الوزارية والملازم وكتب الرياضيات ، حتى تمكنت من إتقانها جيداً، وكان ذلك بعد أن افتتحت دورة للمحاسبة وكان المتقدمون لها قليلين، ولأني أردت جمع أكبر عدد من الطلبة، كان لزاماً عليّ إتقان الرياضيات، لا أن أكون مجرد هاوٍ لها.
يوجه هواء التكييف على هذا وذاك من طلابه، يمسح عرق جبينه. في غرفة ليست كبيرة جداً، يجمع الحمراني الطلبة المتحمسين لأحلامهم، ويدخلهم بدوراته المجانية في المنزل، ذلك لأن أغلب أبناء المنطقة هم من العوائل الفقيرة وأصحاب الدخل المحدود وأولاد الشهداء، وقد استقبل في الدورة الأولى 24 طالباً، ويستمر العدد بالازدياد شيئاً فشيئاً.
يضيف: ونظراً لتزايد العدد، افتتحت دورة ثانية، واحدة صباحية وأخرى مسائية، وحققت نجاحاً بنسبة 98% بين الطلبة المتقدمين، ليتزايد العدد ويصل الى أكثر من 600 طالب.
يقوم علي بتدريس طلبته أثناء الإجازة فقط، إذ تمكن من تقسيمهم على مجاميع، كل حسب مرحلته، والتواصل معهم عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي والتحضير للتدريس من مكان عمله، ليكون مستعداً عند عطلته، لتدريسهم مجدداً.
-في المناطق الساخنة، يتمتع المقاتل بعشرة أيام إجازة بعد عشرة أيام يقضيها في الواجب، لكن إذا كنت قريباً، أتمكن من رؤيتهم كل أسبوع.
كما يتواصل مع ذوي الطلبة بصورة مستمرة، ويرفض رفضاً قاطعاً، أخذ أية مبالغ مالية من الأولاد، الذين باتوا أصدقاءه، بعيداً عن الرسميات التي تفرض بين المعلم وتلميذه.
– بين أسبوع وآخر، أتفق معهم جميعاً للذهاب الى أحد الملاعب الشعبية للعب كرة القدم، كي لا يشعروا بضغوط الدراسة او الملل من الحصص.
وبعد الانتصارات التي حققها زملاؤه من أبطال الجيش العراقي والشرطة الاتحادية والحشد الشعبي على داعش، قرر الحمراني إكمال دراسته في جامعة ميسان – الدراسة المسائية. يحدثنا وهو يتهيأ لدخول الامتحان، فهو اليوم في المرحلة الثالثة بكلية الإدارة والاقتصاد:
– أحلم بإكمال دراستي الجامعية والوصول إلى مراحل عالية.. وسأفعل.