
رجال الأعمال والشركات أمام اختبار الإصلاح.. هل ينجح “مجلس تطوير القطاع الخاص الدائم” في كسر هيمنة الريعية؟
علي كريم إذهيب /
في ظل اقتصاد يعتمد بشكل شبه كامل على النفط، وأزمة تنموية تتفاقم بسبب البيروقراطية،وغياب بيئة استثمارية محفزة، جاء إطلاق المجلس الدائم لتطوير القطاع الخاص ليعيد طرح السؤال الأهم: هل يستطيع القطاع الخاص أن يكون المحرك الحقيقي للاقتصاد العراقي. أم أنه سيظل رهينة القوانين المعطلة والعوائق البيروقراطية؟
رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني أعلن رسميًا عن انطلاق أعمال المجلس، مؤكدًا أن مهمته الرئيسة ستكون تفكيك القيود التي تعرقل نمو القطاع الخاص، إلى جانب تمكين الشباب، ودعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة، باعتبارها نقطة الانطلاق نحو اقتصاد أكثر تنوعًا واستدامة.
أكد السوداني أن الربط المؤسسي بين القطاعين الحكومي والخاص سيكون المفتاح لتقليل المخاطر وتحقيق التكامل الاقتصادي.
كما أشار إلى أن المجلس سيعمل على حماية المنتج الوطني، وتحفيز القطاع الخاص على لعب دوره الحقيقي في التنمية.
تشكيلة غير مسبوقة
بحسب وزارة التخطيط، فإن المجلس الجديد يتكون من 38 عضوًا، بينهم 10 ممثلين عن الحكومة، و28 ممثلين عن مختلف الأنشطة الاقتصادية ضمن القطاع الخاص، بالإضافة إلى خبراء اقتصاديين، وممثل عن الشباب، وآخر عن ريادة الأعمال.
المتحدث باسم الوزارة عبد الزهرة الهنداوي وصف تشكيل المجلس بأنه خطوة جريئة وغير مسبوقة، مؤكدًا أن دوره لن يقتصر على إبداء الرأي أو تقديم المشورة، بل سيكون بمثابة الصوت الرسمي للقطاع الخاص داخل دوائر صنع القرار الاقتصادي، وهو ما قد يسهم في إنهاء سياسات التهميش التي تعرض لها هذا القطاع طوال العقود الماضية.
مواجهة التحديات.. النفط وحده لم يعد كافيًا
المستشار الاقتصادي لرئيس الوزراء، الدكتور مظهر محمد صالح، حذّر من أن العراق لا يمكنه الاعتماد إلى الأبد على النفط كمصدر وحيد للإيرادات، خصوصًا مع تراجع الطلب العالمي، والتوجه نحو مصادر طاقة بديلة.
وأوضح في تصريح لمجلة “الشبكة العراقية” أن المجلس الجديد سيركز على رفع مساهمة القطاع الخاص في الناتج المحلي الإجمالي من 37% إلى ما بين 52-55% خلال السنوات المقبلة، من خلال تعزيز الاستثمار في قطاعات الصناعة، والزراعة، والخدمات الرقمية، التي تُعد الركائز الأساسية لتنويع الاقتصاد العراقي.
كما أشار صالح إلى أن العراق يستورد 80% من احتياجاته الغذائية من الخارج، وهو ما يُشكل نقطة ضعف خطيرة تهدد الأمن الغذائي للبلاد. ودعا إلى ضرورة تشجيع الإنتاج المحلي، وإشراك القطاع الخاص في مشاريع زراعية وصناعية كبرى، من أجل تحقيق الاكتفاء الذاتي وتقليل فاتورة الاستيراد.
وأكد أن وظيفة المجلس الجديد لن تكون شكلية، بل سيسعى إلى اتخاذ قرارات ملزمة تهدف إلى تنويع الاقتصاد، وتعزيز دور القطاع الخاص في التنمية، على أن تسهم هذه الإصلاحات في زيادة الإنتاج المحلي، وتقليل البطالة، وجذب الاستثمارات الأجنبية.
هل يستطيع القطاع الخاص قيادة التنمية؟
ترى الخبيرة الاقتصادية هدى حافظ أن القطاع الخاص وتفعيله ودعمه بشكل مباشر من قبل الحكومة العراقية سيعمل على توفير فرص العمل، كون القطاع الخاص يسهم بشكل مباشر في تقليل معدلات البطالة من خلال توفير ملايين الوظائف في مختلف القطاعات، ما يسهم في تحسين مستوى دخل الأفراد ورفع مستوى المعيشة”.
وأضافت حافظ لـمجلة “الشبكة العراقية” إن”القطاع الخاص يسهم بتحفيز النمو الاقتصادي من خلال زيادة حجم الاستثمارات والإنتاج، كما يسهم في رفع الناتج المحلي الإجمالي، ويشكل قوة دافعة للاقتصاد الوطني، فضلا عن انه يعمل على تعزيز التنافسية والابتكار بحكم سعيه الدائم لتحقيق الأرباح، إذ يتبنى القطاع الخاص أساليب مبتكرة ويطور منتجات وخدمات جديدة، ما يعزز من جودة السلع المتوفرة في السوقين المحلي والدولي.
واشارت الى أن” القطاع الخاص يدعم الإيرادات الحكومية من خلال دفع الضرائب والرسوم، ويسهم في تمويل الموازنة العامة للدولة، ما يمكن الحكومات من تحسين الخدمات العامة مثل التعليم والصحة والبنية التحتية. ويعمل أيضًا على جذب الاستثمارات الأجنبية في وجود بيئة أعمال قوية وقطاع خاص فعّال يعد عاملاً جاذبًا للمستثمرين الأجانب، ما يؤدي إلى تدفق رؤوس الأموال وفتح أسواق جديدة. وتحسين الكفاءة والإنتاجية، إذ ان القطاع الخاص يمتاز بالقدرة على العمل بكفاءة عالية، وتوظيف الموارد بشكل أفضل، الأمر الذي يساعد في تحسين الأداء الاقتصادي الكلي.
وتختم حافظ حديثها الاقتصادي أن “القطاع الخاص ليس مجرد عنصر مكمل للاقتصاد، بل هو شريك ستراتيجي وأساسي في مسيرة التنمية. وتكمن قوة الدول الحديثة في قدرتها على تمكين القطاع الخاص وتوفير البيئة المناسبة لنموه واستدامته. لذا فإن دعم هذا القطاع وتسهيل مشاركته في صياغة السياسات الاقتصادية يُعدان ضرورة ملحّة لتحقيق التقدم والازدهار.