يوليسيس

771

عبد الله صخي /

أمضيت سنوات طوال أحاول فيها قراءة رواية “يوليسيس” أو “عوليس” للكاتب الآيرلندي الشهير جيمس جويس، لكني في كل مرة كنت أخفق في إكمالها. ويأتي يوم آخر أعقد العزم فيه على قراءتها، وبعد ثلاثة أو أربعة فصول أرميها من يدي فينتابني شعور بالتأنيب، فأنا أمام رواية أحدثت ضجة عالمية منذ صدورها في باريس في الثاني من شباط عام 1922.
كانت أول محاولة لي لقراءتها في أواسط الثمانينات عندما أهداني نسخة منها المخرج السينمائي السوري محمد ملص، فأثناء سفرة له إلى القاهرة صادف أن صدرت أول طبعة بالعربية منها بترجمة من طه محمود طه، ولم أتمكن من إتمامها، فتساءلت بيني وبين نفسي (لم أجرؤ على التصريح علناً): لمَ كل هذه الضجة؟ أهديت تلك النسخة للشاعر فاضل العزاوي وتخلصت من عبء ثقيل.
بعد أكثر من ثلاثين عاماً عدت إلى الرواية بترجمة الشاعر صلاح نيازي مصمماً على قراءتها، وفشلت مرات عدة. أخيراً أكملتها بنجاح “ساحق” إذ قرأتها مرتين. وعاد السؤال نفسه: لمَ كل هذه الضجة؟ فهي رواية شكلية، عسيرة، تفتقر إلى التشويق، ومفتعلة. ولعل الضجة التي رافقتها حين صدورها سببها الإطراء الذي شملها به تي. أس. اليوت، وإزرا باوند.
ما عزز انطباعي السلبي عنها هو تقرير نشرته صحيفة “الغارديان” البريطانية أواخر الثمانينات يعلن عن صدور طبعة جديدة خالية من الأخطاء المطبعية لأول مرة. وذكر أن الطبعة الأولى، التي استندت إليها الطبعات اللاحقة، كانت مليئة بالأخطاء لأن الطباعين كانوا فرنسيين لا يحسنون الإنكليزية، وكان جويس كليل البصر فلم يتمكن من تصحيح تلك الأخطاء. ويورد التقرير مثالاً على ذلك فيقول إن كلمة “bread” (خبز) في إحدى الطبعات الإنكليزية أصبحت “beard” (لحية) الأمر الذي عده بعض النقاد إنجازاً لغوياً. وفي مقابلة صحافية مع جويس يقول إنه وضع عمداً الكثير من الألغاز كي يبقى في التداول أطول فترة ممكنة!
لكن كتّاباً معروفين مثل باولو كويلو قال في لقاء مع “الغارديان عن الرواية: “إنها من أكثر الكتب التي أحدثت ضرراً في الأدب”. فرجينيا وولف عدتها “كتاباً فظاً وغير متقن”. دي. أج. لورانس قال: “آسف، أنا واحد من الذين لم يتمكنوا من إكمالها”. إدموند غوس قال عن جويس: “هو ليس تماماً من دون موهبة، لكنه دجّال أدبي إلى أبعد الحدود”. الدوس هكسلي اعتبر الرواية “من أكثر الكتب مللاً وأقلها أهمية”. أما القراء فلهم آراؤهم، كما وردت في استطلاع للبي بي سي نقله الشاعر أحمد مطر، يقول بول بيرنز “إنها مجرد كلام فارغ طنان، وقد أصبحت من الكلاسيكيات بسبب هذا الطنين”. وقال هيل: النسخة التي لدي تذكر أن جويس أمضى عشر سنوات في كتابتها، ومن وجهة نظري أنه كان يمكن أن يكتبها في عشر دقائق”. أما ديف ووشر فيعتقد أن: “يوليسيس كتاب رائع، يمكن الاستفادة منه بطريقتين: بوضعه كثقالة فوق الورق، أو كمسند تحت أرجل الطاولة المتقلقلة!”