بينما يتسابق فنانو العالم لدعم بلدانهم.. نجوم الفن العراقي يغيبون في المحنة
#خليك_بالبيت
محسن ابراهيم /
الفن مرآة صادقة للمجتمع تعكس لنا مقدار ما يعيشه ذلك المجتمع من أفراح وأتراح، هو ترجمة حية لكل هموم الناس وما يمر بهم من تجارب، فهو تلك الصورة الحية التي تتمثّل بريشة الرسام ونص الشاعر ولحن الملحن وأداء المغني، بعض الفنانين اتّخذ من فنه منصة لدعم الوطن في أوقات الأزمات، وبعضهم الآخر فضل مبدأ الربح والخسارة وتناسى أن الفن رسالة إنسانية سامية، وتحوّل الأمر لديهم إلى تصريح إعلامي من على شاشات الفضائيات.
وباء كورونا الذي اجتاح العالم وغيّب كل ما هو جميل، واجهه بعض مشاهير الفن في العالم الغربي والعربي بتكافل اجتماعي بالتبرع بأموال طائلة، لدعم جهود بلدانهم في مواجهة هذه الأزمة، تساؤلات كثيرة طرحها الشارع العراقي عن غياب الفنانين العراقيين ميسوري الحال عن تقديم الدعم لبلدهم، عدد من الكُتَّاب المهتمين بالشأن الفني أبدوا آراءهم في هذا الشأن.
حساب الربح والخسارة
الكاتب والإعلامي فرات إبراهيم تحدّث قائلاً: الفنان حينما يمرض في نهايات العمر ويستلقي على فراش الموت ويناشد الحكومة او الوطن فمن واجب الدولة أن ترعاه وتُمكِّنه من التغلب على ضائقة العيش والمرض، فما بالك بمن استخدم اسم الوطن ومعاناته لينطلق في عالم النجومية، عانى العراق الكثير من الويلات ونجح بعض المطربين باستغلال هذه الويلات ليعتاشوا على اسم الوطن، بل نجحت أعمالهم لأنّهم صوّروا للعالم أجمع حجم المعاناة باسمهم فأصبحوا نجوما وكواكب في فضاء الغناء العربي. أنا لا اتّهم أحداً بأنّه بالضدّ من معاناة الوطن أو أنّه كان يوما ما يستغل معاناة الوطن ليكبر، ربّما حصل هذا عند البعض ونجحوا في أن يجيّروا تلك المعاناة من أجل فنّهم ونجاحهم، اليوم الوطن يعاني من وباء الكورونا كما تعاني منه دول العالم المتخلّف والمتحضّر، وهنا يكون السؤال كم من هؤلاء كانوا مع الوطن وضدّ الوباء، كم غنّوا من أجل وطنهم وابتدعوا آلاف الكلمات؟ كم تبرّعوا من أجله لفكّ ضائقته المالية ونحن نعرف أن الوطن غني بأهله وبثرواته ولا يحتاج أموالهم؟ بل هو الموقف المشرّف والعزيز، الموقف الذي تتناخى من أجله كل القيم، الموسيقار ياني وغيره من نجوم العالم وقمّة عمالقة هوليوود تناخوا من أجل أميركا الرأسمالية التي لا يعنيها التبرع بشيء، فرحت بنجومها وهم يتبارون من أجل إنقاذ بلد يعيشون فيه رغم اختلاف أصولهم، اتساءل أين نجومنا من كل هذا؟ نجومنا الذين شُغل العالم بفنهم وصارت أغنياتهم كوزن الذهب في المسارح العالمية بعد أن عجّت الدنيا بفنهم بسبب الإذاعات العراقية والتلفزيون العراقي التي لولاها ما كانوا نجوما، لم لا يذكرون بلدهم أو حتى يغنون من أجله وهو الذي خدمهم بكل أجهزة إعلامه، الشعب يسأل: أين كل هؤلاء من مصيبة الكورونا التي تطيح ببلدهم؟ أين هم من كل معجبيهم الذين يعانون المرض؟ لم لا يتبرعون بأجهزة أو لقاحات أو علاجات، لم لا يغنون من أجل شفائهم، انظروا ماذا نشرت الصحف المصرية عن تسابق الفنانين المصريين للتضامن مع أبناء بلدهم، هذا ما يفعله فنانو العالم من أجل بلدانهم فماذا قدّمتم للعراق؟
همٌّ إنساني
وتحدّث الكاتب خضير الزيدي قائلا:
اعتقد أنّ شخصية الفنان الغربي مختلفة في تكوينها النفسي والثقافي وفي جانبها الإنساني لعوامل كثيرة لا يمكن أن نسردها الآن لو تمّت لنا المقارنة مع الفنان العراقي.. لأسباب لا تبدو لنا منطقية حينما نكتشف أنّ الغالب من الفنانين التزموا الصمت حيال المساعدة الإنسانية لأشخاص أصيبوا بوباء كورونا، واحدة من تلك الأسباب أنّ قسما من الفنانين جاؤوا من بيئة فقيرة وبقيت تلازمهم عقدة الفقر ونما عندهم الجشع وخلف هذا المرض سيلا من التصورات في ذهنيتهم وبقيت الحاجة للمال عندهم أمراً مهماً، بينما في الغرب الفن نتاج قضية إنسانية وذوق عال ولهذا لا تستغرب أن تجد فنانين لا يشاركون في الجانب الإنساني، وقد رأينا حينما عاش العراق سيلا من الدماء جرّاء الإرهاب والهجرة القسرية لمكونات المجتمع العراقي دون أدنى مشاركة من شخصيات فنية، شخصيا لست مستغربا من صمتهم ولا اتصور أن مقارنة شخصية الفنان الغربي مع العراقي ستؤتي أكلها بنوع الثمار الإنساني، لنكن واضحين وحقيقيين أمام هول هذا الحدث المقارنة صعبة وسنفشل في الوصول إلى تشابه.
أثر طيب
في حين رأى الكاتب يوسف أبو الفوز أنّ هناك ثلاثة أنماط في هذه الأزمة؛ النمط الأول هم الذين يراقبون من بعيد، كأنّ الأمر لا يعنيهم، وكأنّهم ليسوا من هذا الكوكب، لا تعرف ماذا يفعلون وماذا يقولون أو يفكّرون، والنمط الثاني الأخطر هم من أصابه الذعر وراح ينشر ويوزّع كل ما يصل تحت يديه من أخبار كاذبة، ومفبركة، ومتضاربة، ناثرا دون أن يدري الارتباك والخوف بين الناس من حوله، والنمط الثالث من الناس، هو من جنّد نفسه لنشر الأخبار الطبية الموثّقة، والارشادات الصحية المطلوبة، وأيضا نشر الأخبار الإيجابية هنا وهناك لرفع معنويات الناس وتذكيرهم بأنّ هذه الأزمة ستمر مثلما مرّت غيرها وأنّها ستحمل معها آلامها وتقدّم لنا دروسها لنتعلم منها لنعيش بشكل أفضل. وسأل أبو الفوز: أين يقف فنانونا يا ترى؟ مع أي نمط نصنفهم؟ لا سيما أولئك الذين يصفهم الجمهور بالكبار؟ لن أتناول أسماء هنا، فالأمر ليس ارتياحات شخصية لهذا أو ذاك، فكل الأسماء خاضعة لهذا السؤال. فحين حرم واحد من أثرى رجال العالم، بيل غيتس، عائلته من ميراثه وتبرّع بها للمشاريع الخيرية، كان يدرك أن ما جناه، بشكل أو آخر هو جزء من إيمان الناس به، وإقبالهم على منتجات شركاته، فشعر أن لهم حقا بهذا، فأعاده اليهم بطريقته، فيا ترى أولئك الفنانون العراقيون، الذين أصبحت لهم أرصدة محترمة في بنوك خارج وطنهم، هل فكّروا في أن ينقصوا حساباتهم بعض الأصفار ليتركوا أثرا طيبا خلفهم؟