أسئلة الفيلسوف !

571

#خليك_بالبيت

جمعة اللامي /

المرءُ بالعقل مثل القوس بالوتر .. إن فاتها وتر عُدت من الخشب
(صفيّ الدين الحلّي)

دعوت صاحبي غريب المتروك، إلى نزهة عند ساحل البحر. وكنت أعرف فيه نزوعاً لمقابلة البحر عندما يريد تنظيم أفكاره. التقاني مبتسماً، فقلت لنفسي: لأردّ تحيته بأحسن منها، فقلت: بارك لي، وهنئني يا صاح، فلقد خُطِبتُ قبل السّحر من يوم أمس الأول !
أرسل إليَّ نظرة متشكّك، وقال: أنا صائم ــ أيُّها الكاتب . ثم رفع سبابته في وجهي، وقال: يا عجوز، من هي المسكينة التي تريد أن تمضي بقية عمرها معك في حديث عن الوفاء والصدق والمروءة والصمت والكتاب؟
قلت: يا صاحبي، اسمح لي أن أوضّح، صَمَتَ فجأة، بينما كانت سيارة فاخرة تمر أمامنا، ورأيته يتابع سرعتها غير الاعتيادية، حتى اختفت في نقطة سوداء عند تخوم الأفق.
ــ “غريب، أريد أن أعتذر” قلت لصاحبي.
ــ “لا عليك، كثيرون منا، نحن جنس الرجال، لا نعرف يميننا من شمالنا، عندما يتقدّم بنا العمر، فنحسب من يحيّينا قد وقع صريع حبنا، أو أن من نسلّم عليه، يظننا من أرباب التسوّل والكِديَة”. وعند نهاية جملته أدركت أن صاحبي، يريد أن يتقرّب إلى الله بكلمة سواء، حتى وهو لا يظهر انفطار قلبه.
ــ “كأني بك منفطر القلب؟”.
ــ “أي والله، من أجل صاحب تلك السيارة الفاخرة التي مرت مسرعة قبل لحظات. لقد وجدته وحيداً في مفازة صحراوية قبل أسابيع، فأسرعت نحوه أسلم عليه، وأبسط أمامه رغبتي بمساعدته في تلك البيداء”.
ــ “وماذا كان ردّهُ؟”.
ــ “نهرني قائلاً : أغرب عن وجهي ، قطع الله أثرك. ألا تستحي من الكِديَة، وأنت ما تزال في مطالع الرجولة!”.
ضحكتُ، وقلت لصاحبي: أتريد أن تسمع ما يبهج النفس ويطرب له العقل؟
قال: هيّا.
“دخل رجل على الفيلسوف اليوناني “طاليس”، وأراد أن يمتحن علمه، فأخذ يسألهُ والفيلسوف يجيب:
ــ “ما أقدم شيء؟”.
ــ “الله، لأنَّه كائن منذ الأزل”.
ــ “ما أجمل شيء؟”.
ــ “العالم، لأنَّه من صنع الله”.
ــ “وما أثبت شيء؟”.
ــ “الأمل”.
ــ “وما أصعب شيء؟”.
ــ “أن يعرف الإنسان نفسه” .
وهنا قلت لصاحبي: بورك في سعيك. ولكن أتدري من تقدّم لخطبتي؟ قال: لا.
قلت: رجل شايب من طرازك، تصورني كاعباً حسناء!.

 

النسخة الألكترونية من العدد 361

“أون لآين -4-”