السياحة في السماوة
#خليك_بالبيت
يوسف المحمداوي /
الكثير من دول العالم تعدّ السياحة المصدر المالي الأوّل لها كإسبانيا مثلا التي يدخلها (70) مليون سائح سنويا، لكنّنا أهملنا هذا الجانب كلياً مولين اهتمامنا إلى السياحة الدينية فقط، وبرهاني في ذلك ما قاله لي قائممقام قضاء الوركاء الأسبق أثناء رحلتي إلى محافظة المثنى بأن وزير السياحة قبل أن تدمج مع وزارة الثقافة الحالية كان يأتي للمحافظة ويذهب إلى الصحراء لغرض ممارسة هواية صيد الحُبَارَى والقطا، دون أن يكلّف نفسه وهو المعني بالسياحة كوزير لها زيارة مدينة الوركاء الأثرية وزقورتها، ليطلع على حجم الإهمال التي تعيشه مدينة كلكامش إلى درجة بأن الكثير من الآثار التي يحرسها رجل واحد اسمه (مهر) يحتفظ بها داخل غرفة مبنية من الطين وفضلاً عن حراستها هو أيضاً يقوم بدور المرشد السياحي لمن يزور المدينة، وهذه المحافظة التي تعاني من الفقر الحقيقي، فيها الكثير من المرافق السياحية وتأتي في مقدمتها مدينة الوركاء الأثرية التي شهدت أعظم ملحمة كتبت في التأريخ وهي ملحمة كلكامش، فضلا عن تلك المدينة التأريخية توجد فيها بحيرة ساوة العجيبة التي اتخذت شكل البطة في وجودها على الأرض، وما يميّز تلك البحيرة أنّ لون المياه فيها يتموّج ما بين الأزرق والأخضر الفاتح وحين تحاول أن تمدّ يدك فيها حتى لو كانت سوداء تتحوّل إلى اللون الأبيض وكأنّك اِرتديت عليها قفَّازاً قطنياً من شدّة بياضها، وتعيش في تلك البحيرة أسماك صغيرة جدَّاً سوداء وعمياء وحين تخرجها بيدك سرعان ما تذوب بمجرد تعرّضها لحرارة الشمس، ولعدم وجود أي نهر أو رافد مائي لتلك البحيرة، يقول العلماء إن هناك آباراً ارتوازية في داخلها هي من تغذيها بالمياه، والمدهش فيها أيضاً هي حين حاول بعض الفلاحين شقّ نهير بالقرب منها لسقي محاصيلهم سرعان ما يتحوّل ذلك المصب إلى تماثيل كلسية نتيجة نسبة الأملاح العالية فيها، وما يحزن أي عراقي يشاهد تلك البحيرة وتجاهل المعنيين بالسياحة لها هي كون أساسيات البناء للفندق والكازينو وجميع ما يتعلّق بالأمور السياحية موجودة فيها ولا يحتاج لغير إكمال البناء، وهذه البحيرة تعجّ بأنواع من الطيور القادمة من روسيا والصين وهذا ما يعطيها جمالية توازي الأسرار المذهلة في تلك الفاتنة الرائعة التي قال فيها اليابانيون الذين سيطروا على محافظة المثنى أثناء غزو التحالف للعراق: “لو كانت في اليابان لجعلناها قبلة عالمية للسياحة”، فلماذا نهملها ولا نخصّص لها مبالغ مالية بسيطة لا تساوي شيئا أمام الأموال التي غيّبها الفساد من خزينة الدولة، أم إنّنا نعمل خلاف المقولة التي أجهل صاحبها :”لا تخسر شيئاً تعلم بأنّك لا تجد مثله”.