هل الثقافة سلوك وموقف أخلاقي؟
سعاد الجزائري /
وهل هناك تشابه بين روح نصّ، أو عمل، المبدع وسلوكه؟
وهل يختلف المبدع عن الآخر الذي يجيد عمله، الذي يصنفه البعض بأنه غير مبدع؟
أسئلة تشغلني كثيراً وتزداد حدتها وقسوتها عندما أجد أن سلوك من يدعي الثقافة أو الإبداع، أياً كان نوعه أو حقله، لا يختلف عن الكثير ممن لم يصنفوا ضمن هذه التسمية التي تميزهم عن الآخرين..
في منظوري البسيط، أجد من الضروري أن نجد الوشائج التي تربط بين الأفكار أو النصوص، أو اللوحة وكاتبها، أو صانعها أو رسامها، فلا أستطيع أن أقرأ نصاً باذخاً بنقائه ونقياً بمشاعره، وزاخراً بحبه، لكن روح وسلوك كاتب هذا النص لا يشبهانه تماماً، بل يناقضانه ويختلفان عنه كلياً، أو أنهما على طرفي نقيض..
أعرف شاعراً تميز برقة قصائده وغنى مفرداتها، بل إن نصوصه تفيض حباً، كما الأنهار في فترة صعودها، لكنه يضرب زوجته بقسوة الجاهل الذي لا يعتبر المرأة إلا تابعاً له ولخدمته.
كاتب آخر يُعتبر من أهم المدافعين عن حقوق الإنسان والمرأة، يطالب بالمساواة أكثر من (هناء أدور) التي كرست جُلّ حياتها من أجل حقوق النساء والإنسان، لكن هذا الكاتب حين يواجه قضية عائلية نجده لا يتمسك بالشرع، إلا في الإرث فقط!..
لقد أعاد إدوارد برنت تايلور الثقافة إلى الأوليات في الحياة، التي بدأت منها البشرية؛ كإشعال النار والفأس والقوس وسهمه.. الخ، باعتبار أن الثقافة تجمع كل هذه الجوانب التي تشتمل على جانبها المعرفي والأخلاقي والقانوني والفني، فإذا تمسك (المبدع) والمتميز بثقافته بالجانب المعرفي والقانوني، فلماذا ينحّي الجانب الأخلاقي؟ وهل أن وعيه، بعد تزايد معرفته واطلاعه، صار في موقع الرافض للأخلاق، التي من المفترض أن تكون انعكاساً وتطبيقاً لأفكاره وما يروجه من معتقدات وقناعات عبر نصوصه، قصائده، أو أعماله الفنية..؟
كيف ينفصل النص، كفكر، عن كاتبة كسلوك حياتي؟ وكيف يقتنع المتلقي، أو يتقبل، نصاً أو عملاً إبداعياً مغايراً تماماً لسلوك وأخلاقيات منتجه ولا يشبهه أبداً في مسلكه الحياتي..؟
إن العيش وسط هذه النخبة يثير هذه التساؤلات التي نكتشفها عبر التناقض في السلوك، أو من جملة تكشف تمييزه الجندري، أو عندما تنبثق غريزته فينكشف تماماً ما الذي تعنية المرأة التي يرى منها نصفها التحتي فقط..!
قد تثير هذه الأفكار البعض منهم، وربما الكثير، ولكن ليسأل كل واحد منا نفسه؛ هل أنا متطابق سلوكياً مع أفكاري التي أروِّج لها، أو مع معاني نصوصي؟ وهل أقدم إيماني بمبدأ أو فكرة على انتمائي الطائفي، الحزبي؟ وهل الحرية الإنسانية واحترام الآخر، التي أبشر بها كثيراً، أطبقها سلوكياً في مجتمعي الأول : عائلتي؟
جوابي: لا، وأكيد لا، وهذا ينطبق على الأكثر من الكثير…