مُغتربون !
جمعة اللامي /
تغَرّبَ لا مُسْتَعْظِماً غَيرَ نَفْسِهِ … ولا قابِلاً إلاّ لخالِقِهِ حُكْمَا
ــ المتنبي.
حضر وطننا العراقُ في مثل هذه الأيام، قبل سبع عشرة سنة، بعمقه الإنساني، وفسيفسائه القومية والدينية والثقافية، باحتفالية “العراق .. الحضارة” التي أقامتها “مؤسسة سلطان بن علي العويس الثقافية” بدبي، بالكلمة والموسيقى، والذكريات والدموع، والمسرح والتشكيل، وأخيراً وليس آخرا، بالإنسان العراقي المتوحّد بهويته الوطنية.
سنبقى، نحن أبناء العراق بدولة الإمارات العربية، نتذكر بالخير والحسنى مبادرة هذه المؤسسة الثقافية الراقية، ونعدّ الأيام الأربعة التي شهدت معارض بإنجازات الرواد والشباب في مجال الفن التشكيلي، وفرشة من التراث الفني الموسيقى، ومشهداً للنقد الأدبي والفني، أقول .. سنبقى نعد تلك الأيام، استمراراً لمواقف شعب دولة الإمارات، الذي رأى في العراقيين أشقاء وجود وإخوة مصير، يوم رجع كثيرون إلى “جلودهم” الحقيقية، وصار العراق بالنسبة لهم، “تجارة” للكسب غير المشروع، ومشروعاً “لنكريه” بلاد الرافدين، وبرنامجاً “لتخويف” القاصي والداني من المثقف العراقي، الإعلامي العراقي، والأكاديمي العراقي، والأديب العراقي (..).
وتلك الاحتفالية – بصرف النظر عن هِنَةٍ أو خطأٍ هنا أو هناك يُرتكبان في حقّ بعضنا – جديرة بأن تُفهم على أن العراق ليس “فاكهة” محرّمة على الأشقاء، وليس هو “برتقالة” مُسَمَّنَة في فضائيات العرب، ولا هو بئر نفط، أو حقل غاز، أو عتبات دينية، أو تكية تصوف، او قذيفة صاروخية، أو عملية اختطاف، أو جريمة ذبح إعلامي أجنبي.
العراق، كما أعادت إيضاحه تلك الاحتفالية، هو الإنسان الحر، بفكره وحضارته ووعيه، وأن ما يتعرض له من إساءات صريحة ومباشرة، أو تحت لافتات غير مباشرة، زائل أمام فكره الإنساني العريق. كما أن هذا العراق الذي يَدّعي “بعض” العرب والمسلمين، القيام بدور بعض أبنائه من دون دعوة من الضمير العراقي، ضدَّ بعض الأجانب الذين يقومون بمهام إنسانية فوق أرضه، يزدري أفعال هؤلاء، كما يحتقر ما تقترفه القوى العسكرية الأجنبية فوق أرضه بصرف النظر عن هوية تلك القوى الأجنبية..
في صالة العرض، وفي أروقة مؤسسة سلطان بن علي العويس الثقافية بدبي، التقينا نحن العراقيين في الإمارات، يجمعنا همُّ الأمن والسلام والحرية لبلادنا، والشعور بالعرفان لكل من مدّ نحونا يداً أخوية بيضاء، ووقف مع شعبنا، حين عزّ النصير.