الأعمال الرمضانية هل تناسب ذائقة العراقيين وعاداتهم؟
عمار العبودي /
تباينت الآراء بشأن ما يعرض كل عام في شهر رمضان من برامج المسابقات والكاميرا الخفية والدراما العراقية، فثمة من يرى أن تقييم هذه الأعمال يختلف من قناة إلى أخرى بحسب ما ترصد من تخصيصات مالية يجعلها تستقطب خيرة الفنانين والكُتَّاب والمخرجين أو العكس، وأن هذا التباين طبيعي ويحدث في كثير من الدول وأن ما يقدم من أعمال جيدة أو غير جيدة لهأسباب عدة.
في حين يرى آخرون أن ما يقدم من برامج مسابقات هي أفكار مستنسخة ولا تحمل أفكاراً جديدة وأن ما يعرض من كاميرا خفية يعد إهانة للفنان العراقي، وأن بعض المسلسلات العراقية استطاعت أن تحصل على نسبة مشاهدة عالية وأن تنال رضا المشاهد واستحسانه، وتركت بصمة نجاح، وقليل منها كانت بعيدة عن الموضوعية ومثلت إساءة لبعض شرائح المجتمع وانتهاكاً للعادات والتقاليد… فكانت لنا هذه الجولة للتعرف على هذه الآراء.
المال والمهنية والخبرة
وفي هذا الصدد يقول الفنان بهجت الجبوري: في كل رمضان تدخل القنوات الفضائية مرحلة تنافس مع باقي القنوات الفضائية الأخرى محاولة كسب وجذب المُشاهد لاسيما أن هناك نسبة مشاهدة عالية في هذا الشهر، وهذه المهمة صعبة نوعاً ما في ظل وجود كثير من القنوات الفضائية، وبهذا عليها أن تقدم أعمالاً تنال بها رضا الجمهور واستحسانه، وهنا تأتي مجموعة عوامل تساعد في إنجاح هذه المهمة للقناة منها الدعم المالي والمهنية والخبرة وكذلك النوعية في الدراما والبرامج. بعض القنوات يعمل بجهود وإمكانات قليلة ضمن مبدأ (املأ الفراغات) وتحاول أن تكون لها مشاركة في هذا السباق. وهناك في الوقت نفسه قنوات فضائية تستعد مبكراً وتخطّط لما تقدمه وترصد تخصيصات مالية كبيرة وتستقطب النوعية بأفكار ورؤى وآراء جديدة فتطل علينا ببرامج جميلة ودراما رائعة وتترك لها بصمة نجاح كبيرة.
المنتج الذكي
الكاتب والسيناريست حامد المالكي حدثنا قائلاً: الحديث عن الدراما العراقية ذو شجون. لقد مرت الدراما العراقية بمحطات عدة ازدهرت حيناً وهوت حيناً آخر، وما زالت تراوح بين الازدهار والانحدار، والواقع أنَّ المشكلة الكبرى التي تضعف الدراما العراقية لا تصنّف ضمن خيار فشل المخرج أو الكاتب أو المنتج أو حتى الممثل، فكل هذه العناصر تدخل ضمن نجاح أي عمل درامي وهذه العناصر يكمل بعضها بعضاً ولكن من وجهة نظري الخاصة أن المنتج الذكي أهم عنصر يجب أن يتوفر، الذي يعرف كيف يختار الموضوع حين ينتجه وكيف يسوّقه، والدراما بلا تسويق هي خسارة لا يرضى بها أي منتج.
الدراما العراقية لا تسوّق في البلدان العربية إلا ما ندر وذلك بسبب غياب الممثل النجم ولم يستطع الممثل العراقي أن يصل إلى النجومية لأسباب عدة؛ أولها المنتج. أملي كبير في مقبل الأيام بظهور منتج جديد يفكر بطريقة جديدة ليرتقي بالدراما العراقية.
مؤاخذات
الفنان والمخرج المسرحي سنان العزاوي يقول: لديّ مؤاخذات على هذه البرامج الاستهلاكية المكررة التي تأتي في سياق عملية استنساخ فجة عن الأصل، وبرامج الكاميرا الخفية بدأت في مصر وحذت القنوات الأخرى حذوها دون تجديد حتى بات الضيف يعرف ما يحدث مسبقاً ويدعي أنَّه لا يعرف. فضلاً عن أنَّ بيئة المجتمع العراقي بيئة متوترة نتيجة الحروب والسياسات الفاشلة التي ألقت بظلالها على الشارع العراقي.
لعبة الكاميرا الخفية بحاجة إلى بيئة مسترخية حتى يدخل الضيف اللعبة دون صدامات، لذلك لا تنجح في مجتمعنا لأنها فضلاً عن كونها استهلاكية ومستنسخة، فهي تُظهر الفنان في صورة غير لائقة تقلّل من قيمته جراء ما يحدث من شجار وشتائم، والفنان الذي يحترم مكانته وتأريخه الفني لا يشترك في مثل هذه البرامج.
مثلث النجاح
من جانبه قال الفنان كاظم القريشي: إن ما يعرض من أعمال ودراما يختلف من قناة إلى أخرى، ويبقى المشاهد الحكم في ما يشاهد، فبعضها واكب ما يحدث من تظاهرات وأحداث سياسية، فحقّق نسبة مشاهدة عالية وغيرها كانت قوية من حيث فكرة المسلسل ومن الطبيعي أن تكون هناك أعمال ضعيفة. وفي كل الأحوال يعود هذا إلى مثلث النجاح وهو الفنان والمؤلف والمخرج.
أما الأعمال الأخرى من برامج فلم تكن موفقة إلا ما ندر.. نتمنى أن تكون هناك أعمال درامية وبرامج ناجحة فنياً وجماهيرياً.
لعبة الإنتاج
وأخيراً يبين المخرج السينمائي فلاح كامل العزاوي ان هناك اختلافاً وتفاوتاً في نوعية ما يقدم من دراما أو برامج مسابقات وكاميرا خفية من شهر رمضان إلى آخر، منها ما يصنّف بأنه جيد وفيه أفكار جديدة. وفي ما يخص الدراما فاعتقد أن الدراما الرمضانية العراقية صحت بعد سبات طويل، وهذا ناجم عن كثرة القنوات الفضائية التي أصبحت المنافسة بينها من صالح المتلقي العراقي، وهذه حالة صحية لم تكن موجودة سابقاً، وكذلك الحال في سائر البرامج. عموماً أنا متفائل لأنَّ لدينا قدرات فنية وتقنية عالية وشركات الإنتاج قد عرفت اللعبة جيداً في هذا العام بالذات.
تمنياتي بانتعاش كبير للدراما العراقية وكذلك تقديم برامج مسابقات وكاميرا خفية تحفظ مكانة الفنان والضيوف فيها طوال أشهر السنة وليس في شهر رمضان فقط.