من أخبار الخُود !

569

جمعة اللامي

“يا أبتِ أدرك فاها، قَدْ غلبني فوها، لا طاقة لي بفيها”
(عراقية من أهل الكوفة)

على أن هذا لا يعني خلو الساحة من بليغات في السرد، مجنحات في الشعر.
ما قولك في شعر ابنة وطننا نازك الملائكة، أو زميلتها لميعة عباس عمارة؟
لكن، دعنا نلخص حكاية تلك العراقية التي من أهل الكوفة حين لقيها الخليفة المأمون، بعدما كان يطارد طريدة على جواده الذي كان على سابق من الخيل، فشاهد تلك العربية، فقالت ما ثبتنا بعضه في مقدمة قرطاس هذا اليوم.
تَعَجب المأمون من فصاحتها، فسألها: يا جارية من أي العرب أنت؟ فقالت إنها من كلاب. فسألها المأمون عن الذي حملها أن تكون من الكلاب، فردت عليه: والله لست من الكلاب، وإنما من قوم كرام، غير لئام، يقرون الضيف، ويضربون بالسيف.
ثم أنها سألت المأمون من أي قوم هو، فقال: أنا من مضر الحمراء. قالت: من أي مضر؟ قال: من أكرمها نسباً، وأعظمها حسباً، وخيرها أماً وأباً، من تهامة مضر كلها.
قالت الجارية للمأمون: أظنك من كنانة. فأمنَ على قولها. فسألته: فمن أي كنانة؟. قال: من أكرمها مولداً، وأشرفها محتداً، وأطولها في المكرمات يداً.
قالت الجارية: إذن، أنت من قريش. فأيدَ المأمون قولها. ثم أخذت تساجل المأمون، فعرفت أنه من بني هاشم، ومن أعلى هؤلاء الأشراف مرتبة. وعند ذلك قالت له: السلام عليك يا أمير المؤمنين، وخليفة رب العالمين.
قالوا: وعند ذاك الحدّ، لم يرغب المأمون إلا بالزواج من هذه الجارية، فضمها إلى زوجِهِ والدةِ ابنه العباس. والله أعلم.
وكانت زبراء، الكاهنة، خطيبة ماهرة، فقالت ذات يوم، وهي تنذر قومها من العدو: واللوح الخافق، والليل الغاسق، والصباح الشارق، والنجم الطارق، والمزن الوادق، إن شجر الوادي ليأدوا خَتْلا، ويحرق أنياباً عُصْلا، وإن صخر الطود ليُنذر ثكلا، لا تجدون معه مَعْلا.
وأما زرقاء اليمامة فهتفت: أرى شجراً من ورائه بشر، وإني لأرى رجلاً من وراء شجرة ينهش كثفاً، أو يخصف نعلاً.
فأين من هاته الفصيحات، الخود اللاتي ما هُن بخود؟