تسلية بر يئة !!
حسن العاني /
لم يكن جيراني(إبراهيم) على نحو مغاير.. إنسان طيب و(مستور)، يذهب الى عمله مع خيوط الشمس الأولى، ويعود الى بيته بعد غيابها. لم يترك فرصة عمل إلا واندفع إليها، ومع ذلك، كان يشكو فقر الحال وضيق اليد، على الرغم من أنه يحمل شهادة البكالوريوس في اللغة الإنجليزية. ولعل الخطأ الكبير الذي ارتكبه، أنه رفض التعيين الحكومي قبل سقوط النظام، لأن الراتب كان (فلاسين)، وبعد سقوط النظام لم يحصل على أي تعيين او وظيفة، لأنه لم ينتم الى أي حزب!!
المعرفة الوطيدة بيني وبين جاري إبراهيم، تسمح لي الزعم- من دون مبالغة – بانني أعرفه اكثر مما أعرف نفسي.. رجل عصامي نزيه ومثقف، وكانت اللغة الإنجليزية بالنسبة له تمثل جزءاً من اهتمامه وشخصيته الثقافية، فهو، حيث توفر المجال أمامه، يكتب بها ويتحدث ويقرأ ويترجم، وغالباً ماتتسرب بعض المفردات او المصطلحات من ثنايا كلامه عن غير قصد..
لا أذكر التاريخ، لكن حدث أمر لم يكن في الحسبان، فقد كان – لا أدري – في موقف العتب أو الشجار مع زوجته. والذي أثار دهشتي، أن كلامه كان غريباً وغير مفهوم، وكأنه خليط من لغات عدة، وبصعوبة شديدة، ومع التركيز، استطعت الاحتفاظ بهذا المقطع [ بولاي يا بولاي ، ارحبني بن هذه البرأة وبن بصائبها.. وباذا يعبل بسكين بثلي أباب أصحاب البلايين والبولات، وهب ينعبون باللحبة والشحبة والنوني والبشبش والبعجنات.. أبا أنا وأبثالي فلا نأكل سوى التبن!!]
واجبي الوطني أملى عليّ الاتصال الفوري بالجهات الأمنية – حتى وإن كان ابراهيم صديقي وجاري –، فعلاً وصلت قوة أمنية على الفور وداهمت منزله وحققت معه ثم أطلقت سراحه. وقد أخبرني مسؤول القوة، وهو غارق في الضحك، أن جاري مصاب بزكام شديد جعله يقلب حرف الميم باء.. وتسهيلاً للقراء الكرام سأتولى ترجمة السطر الأول، وهو على النحو التالي [ مولاي يا مولاي.. ارحمني من هذه المرأة ومن مصائبها، ماذا يعمل مسكين مثلي، أمام أصحاب الملايين..الخ ] راجياً قراءة النص الى نهايته وترجمته من دون زكام، ومن دون حساسية، متمنياً للجميع تسلية ممتعة وأوقاتاً سعيدة، آملاً عدم تحميل النص ما لايحتمل!