كلوديا كاردينالي.. الاختراع الأجمل في إيطاليا بعد المعكرونة
ترجمة وإعداد: خالد قاسم /
كانت النجمة الإيطالية الكبيرة كلوديا كاردينالي مصدر إلهام لكبار مخرجي بلادها مثل (لوتشينو فيسكونتي)، وقد عملت طيلة ستة عقود من الزمن مع مخرجين كبار آخرين نذكر منهم على سبيل المثال (فيديريكو فيليني) و(سيرجيو ليوني) و(فيرنر هيرزوغ).
لكنها عندما بدأت مسيرتها الفنية في سن المراهقة كان صوتها يعد أجشاً جداً، لذلك جرت دبلجته في أفلامها الأولى، إضافة إلى مشكلات أخرى. ورغم أن أبويها إيطاليا الجنسية، لكنها ولدت ونشأت في تونس، حين كانت محمية فرنسية آنذاك، لذلك تقول إن لغتها الأولى هي الفرنسية، وعندما حاولت التحدث بالإيطالية تعرضت للإرباك بسبب اختلاف اللكنة.
في الواقع، لم يسمع الجمهور العالمي صوتها المبحوح إلّا في عام 1963 عندما مثلت فيلم المخرج فيليني الفائز بالأوسكار (8 ونصف). وما يزال ذلك الصوت الأجش قوياً للغاية، ومفعماً بالحيوية حتى بعد اقترابها من سن الـ85، إذ تبقى الفنانة الكبيرة مذهلة ومبهجة وتضحك بسهولة خلال مقابلاتها التلفزيونية والصحفية.
نالت كاردينالي جوائز كثيرة منها جائزة (الأسد الذهبي) في مهرجان البندقية السينمائي عام 1993، وأصبحت رمزاً عالمياً للإغراء في أفلام مثل (اتفاق كبير في شارع مادونا) عام 1958، لكن مع تقدم مسيرتها تحولت إلى ممثلة جادة بتوجيه من (فيسكونتي) في أفلامه، بدءاً من مطلع الستينيات حتى منتصف السبعينيات وتشمل (روكو وأشقاؤه) و (الفهد) و (ساندرا) و (قطعة حوار).
تذكر كاردينالي أن فيليني وفيسكونتي كانا على طرفي نقيض في مجال الإخراج، فالثاني كان شخصية مذهلة -حسب وصفها- وعمل على إخراج فيلم (النمر) كأنه مسرحية، إذ اشتهر بعمله المطول عند تحضير مشاهد أفلامه. أما فيليني فاعتمد على الارتجال كلياً.
مثّلت كاردينالي في فيلمي (الفهد) و(8 ونصف) في الوقت نفسه، ما جعل الحياة معقدة عليها آنذاك، تصف تلك التجربة: “كان لديّ شعر أسود طويل، أرادني فيديريكو فيليني شقراء الشعر، أما لوتشينو فيسكونتي فأراده شعراً داكناً، كما هو شعري في الطبيعة، لذلك اضطررت إلى تغيير لون شعري كل أسبوعين أو ثلاثة أسابيع. ”
رغم نجاحها في مجال التمثيل، لكن كاردينالي عاشت حياة شخصية فيها بعض المعاناة، فهي لم ترغب بالعمل الفني في بداية حياتها وأرادت ممارسة التدريس، إلّا أن حياتها تغيرت بعد فوزها بمسابقة (أجمل فتاة إيطالية في تونس) عام 1957. وعندما بدأت بأداء بعض الأدوار الصغيرة، اكتشفت أنها حامل من رجل لم يكن مهتماً بولادة الطفل.
وقّعت كلوديا عقداً مع شركة إنتاج إيطالية أدارها المنتج المتنفذ (فرانكو كريستالدي)، الذي أرسلها إلى لندن لإبعاد ابنها (باتريك) عن عيون الصحافة الإيطالية. وتبنى فرانكو الابن وخطط للزواج من كلوديا، لكنه لم يخبرها بنواياه حتى سفرهما إلى لاس فيغاس عام 1966. ولم تتقاض كلوديا أي أجر مقابل تمثيلها آنذاك مع فرانكو بل كانت الأموال تذهب إليه، وعملت حينها بمعدل أربعة أفلام سنوياً.
على غرار صوفيا لورين وممثلات عالميات أخريات اشتهرن خلال الخمسينيات والستينيات، أصبحت كلوديا مطلوبة في هوليود حيث مثلت هناك أفلاماً، منها (المحترفون) عام 1966 و (معصوب العينين) في العام نفسه، ومن ثم غادرت على الرغم من أنهم أرادوها أن تبقى هناك وعللت ذلك قائلة: “أنا أوروبية، ولا أستطيع البقاء في هوليود..”
أعادها فيلم (المحترفون) إلى التمثيل مع شريكها في بطولة فيلم (الفهد) بيرت لانكستر، وانتهى بهما المطاف صديقين مقربين على عكس بداية العمل بينهما، لأن بيرت غلب عليه الطابع الأميركي وأراد استعراض عضلاته في ستوديو العمل.
استمرت كلوديا في العمل حتى سنوات قريبة من الآن، إذ عملت كثيراً في فرنسا، كما صورت فيلماً تلفزيونياً في سويسرا، إضافة إلى مشروع يخص المسرح المعاصر.