الفنان كاظم القريشي: أمنيتي تجسيد شخصية عبد الكريم قاسم

216

حوار: محسن إبراهيم /

منذ طفولته صاحبه حلم أن يكون مختلفاً عن البيئة التي عاش فيها، وذات حلم تمنى أن يكون غير ماهو عليه, ليرسم لنفسه خريطة طريق توصله إلى ما يريد. عمل واجتهد ليثبت لذاته مايريد، فكان له مايريد. تخرج في أكاديمية الفنون الجميلة عام 1996، وحاز على لقب أفضل ممثل عراقي في استفتاء الأعمال الرمضانية 2009 عن بطولة مسلسل (الدهانة).
نال إعجاب المشاهدين وكبار الفنانين العراقيين من خلال ماقدمه من أدوار جسدها طيلة مسيرته الفنية، إن كانت في التلفاز أو المسرح، واستطاع أن يسبر أغوار الشخصية العراقية بإجادة تامة، وأن يترك بصمة إبداعية في خريطة الدراما العراقية. مع الفنان كاظم القريشي كان لنا هذا الحوار:
*أمطار النار، الدهانة، أبو طبر، كانت نقلة حقيقية في حياتك الفنية لمَ لا نشاهد مثل هذه الأعمال الآن؟
– السبب الرئيس يعود إلى سياسات القنوات الفضائية واختلاف الذوق، الآن أصبحت هذه القنوات تنتج الأعمال حسب ما توفر لها من تفاعل على مواقع السوشيال ميديا، ولا يهمها الوطن وتاريخه, لذلك صار التوجه نحو الأعمال الاستهلاكية، في الغالب تنسى بعد أول مشاهدة، للأسف.
*تنوعت أدوارك ما بين التراجيدي الكوميدي.. كيف يستطيع الفنان أداء شخصيتين مختلفتين؟
-التنوع في الأداء من سمات الفنان الناجح، ومن أبسط أدوات الموهبة، وإلا فهو ممثل فقط, وأنا ضد التخصص الدقيق في التمثيل، وحين أؤدي دوراً كوميدياً بعيداً عن حياتي الشخصية كإنسان، فإني حتما سأكون في تحدٍّ مع نفسي أولاً, فعندما أديت شخصية كوميدية، ولاسيما في مسلسل (غايب في بلاد العجائب)، لم أتعمد أن أظهر أي تعبير على وجهي، أو في حركاتي، كما يؤدي الممثل الكوميدي عادة.
*في رأيك.. متى تتحول الكوميديا إلى تهريج؟
-حينما تُفرغ من الموضوع والفكرة, إذ أن الكوميديا تعد من أخطر أنواع الفنون التمثيلية، لأنها تقدم فكرة وابتسامة ممكن أن تكون مليئة بالدموع ، لذا يجب أن نقدم كوميديا هادفة ونظيفة إلى العائلة العراقية.
*عند تقمصك لشخصية ما.. على ماذا تعتمد؟
-على ماهية الشخصية المقدمة، بعد الدراسة والتحليل لهذه الشخصية، وكيف ستفعل فيها الحياة، من الورق إلى الشاشة، وتقديمها كشخصية حية, وهذا يعتمد بالدرجة الأولى على ثقافة ووعي الفنان وإبداع المخرج في اختيار البيئة التي سيقدم من خلالها هذه الشخصية. كذلك على الممثل أن يلمَّ بالتفاصيل الدقيقة عن تلك الشخصية، مثلاً ما حصل معي حين تجسيدي لإحدى الشخصيات التاريخية، فقد قرأت كل ما كتب عن هذه الشخصية، لذا أعطيت الشخصية حقها دون أية إضافة.
*وسط هذا الازدحام في الوسط الفني.. هل ترى أن التركيز ينصب على النوعية في اختيار الممثل أم على الكم؟
-للأسف اصبح الاختيار الآن على مدى تفاعل الممثل في مواقع السوشيال ميديا وكم هو عدد متابعيه، فضلاً عن العلاقات داخل الوسط الفني ومدى قربك من المنتج أو المخرج، هذا ما يتحكم اليوم في توزيع الأدوار والشخصيات، وهنا أتكلم عن بعض الحالات، وليس في العموم.
*هل تعتقد أن الدراما العراقية تتعرض إلى هجمة ممنهجة؟
-لا أؤمن بنظرية المؤامرة في هذا الجانب، وإنما الموضوع يعتمد على وعي الإدارات في ما يقدم من أعمال درامية, لأن لا أحد يمنعك من أن تقدم عملاً فنياً جيداً غير الجشع والطمع، إذ أن البخل في الإنتاج يؤدي إلى تقديم أعمال فقيرة ليست بمستوى يليق بالمشاهد العراقي، ما يضطره إلى الاهتمام بالأعمال العربية على قنوات فضائية أخرى غير العراقية.
*ربما طال الفساد الوسط الفني أيضاً.. مارأيك؟
-الفساد طال كل مفاصل الحياة في العراق للأسف, خذ على سبيل المثال في الوسط الفني لاينظر إلى نوع العمل, بل يقال في كل الأحوال إنه مجرد عمل ينفذ بلا رقيب، المهم هو أن هناك جهات حصلت على (المقسوم)، والعمل سيأخذ طريقه في كل الأحوال، وهذا نوع من أنواع الفساد في العملية الفنية.
في رأيك.. ممَّ تعاني الدراما العراقية؟
-المعاناة الوحيدة للدراما العراقية هي معاناة إنتاجية، الفنان العراقي يمتاز بمميزات جيدة ونمتلك فنانين وكتاباً ومخرجين ذوي إمكانات جيدة، لكن، كما أشرت، فإن ضعف الإنتاج هو العقبة الوحيدة التي تقف أمام تطور الدراما.
*هل هناك شخصية ما تتمنى أن تجسدها؟
-قطعاً يبقى الشغف بتقديم شخصيات وأعمال جيدة قائماً ولن ينتهي، ومن هذه الشخصيات الجدلية التي أتمنى تقديمها هي شخصية الزعيم الراحل عبد الكريم قاسم، وشخصيات تاريخية أخرى.
*قد يتساءل البعض لماذا لانشاهد القريشي في تجارب سينمائية ومسرحية؟
-وأين هي السينما في العراق؟ للأسف الشديد السينما تكاد تكون متوقفة تماماً، خلا بعض التجارب الشبابية الناجحة على مستوى المهرجانات، وليس على المستوى الجماهيري, أما بالنسبة للمسرح فأنا موجود بين فترة وأخرى، لكن ليس بشكل دائم، لأن المسرح يحتاج إلى تفرغ وحضور دائمين، وهذا ما لايستطيع الممثل في التلفزيون أن يحافظ عليه، بحكم أن العمل في التلفزيون يحتاج وقتاً ربما يستغرق أكثر من ١٦ ساعة في اليوم.
*تسنمت في فترة ما منصب مدير المسارح, باعتقادك.. هل يأكل المنصب من جرف الفنان؟
-نعم، بالتأكيد كان المنصب عائقاً أمام عملي كممثل، وأكل من جرفي الكثير, فضلاً عن الانشغال بأمور الإدارة المتعبة، لذا فإني طوال ثلاث سنوات لم أشترك في أي عمل, على الرغم من أني قدمت قبل هذه الفترة أعمالاً نالت استحسان المشاهد, وبعد تخلّصي من أعباء الإدارة، ومن منصب مدير المسارح في دائرة السينما والمسرح، تفرغت تماماً لأعمالي الفنية.
*لو طرحت على الفنان كاظم القريشي فكرة عمل ما.. من ستختار مؤلفاً ومخرجاً وممثلا؟
-قطعاً سوف أختار الأفضل لهذا العمل من بين الكتّاب والمخرجين والممثلين، لكي يكون العمل بمستوى متميز.
*أنت مشغول الآن بعمل فني جديد.. حدثنا عن هذا العمل؟
-نعم، أنا حالياً مشغول بتصوير مسلسل تلفزيوني درامي يتحدث عن مأساة النازحين وما يتعرضون له من معاناة، المسلسل من تأليف مهند هادي وبطولة إيناس طالب ومهند هادي وحيدر منعثر وفلاح إبراهيم وخضير أبو العباس، ونحوم آخرين.