كلمة أولى

1٬134

رئيس التحرير/

الخيانةُ وجهة نظر.. هكذا يريدنا بعض الساسة أن نفسر موقفه من التدخل التركي السافر في الشؤون الداخلية للعراق، وقيامها بإرسال المئات من الجنود والدبابات والمدرعات الى الأرض العراقية، من دون دعوة ولا موافقة من الحكومة المركزية في بغداد، ولسان حالهم، بل بعظمة لسانهم، يقولون ما دام هناك نفوذ لإيران في العراق، فلماذا تمنعون تركيا (وربما غداً السعودية وقطر!) وسواهما، من التمتع بمساحة من الحرية والنفوذ في بلادنا؟

هذا البعض من الساسة، ممن هو ضالع ومشارك، بمأساة نينوى وبقية المحافظات، ووقوعها بيد داعش والإرهاب، يريد أن يستغفل الجميع، بل يريد أن يشوه، لا التأريخ وحده، إنما الواقع نفسه، عندما يجعل من احتلال قوات أجنبية لبلاده أمراً قابلاً للنقاش، أو للمساومة، بحجة الدفاع عن السنّة في الموصل. تُرى هل السنّة موجودون في الموصل وحدها؟ أليس السنة في الأنبار وصلاح الدين وديالى، وبقية المدن التي غزاها داعش وتحررت بجهود ودماء الجيش والشرطة والحشد الشعبي وأبناء العشائر، وها هم أهلها يعودون إلى ديارهم؟ لماذا لم تهرع تركيا للدفاع عن هؤلاء السنّة كما تهرع اليوم للدفاع عن سنّة نينوى؟ أليست هذه ذريعة لمآرب وأهداف لم تعد مخفية على أحد؟، لنعدْ إلى ساستنا أولئك، وهم قلة قليلة في واقع الحال، لكنهم للأسف، يستقوون بالأجنبي بلا خجل وبلا وازع من وطنية، ونسألهم: ترى هل تقبل أنقرة بدخول قوات سورية إلى لواء الإسكندرون بحجة الدفاع عن العلويين فيها، وهم سكنتها في الغالب؟ وهل ترضى السعودية باجتياح إيران للمنطقة الشرقية بدعوى نصرة الشيعة هناك؟ نحن هنا لا نتحدث عن أفراد أو منظمات، كي لايقال أن فصائل من دول أخرى تقاتل في سوريا مثلاً، إنما نتحدث عن حكومات ودول تلتزم بمواثيق وأعراف دولية.

إذن ألم يسمع هؤلاء الساسة بيانات وتصريحات المسؤول الأول في الدولة العراقية، رئيس مجلس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة، وهو يعلن صراحة، مراراً وتكراراً، أن العراق لم يدعُ تركيا لإرسال قوات مسلحة، ولم يسمح لها بدخول أراضيه، بل ويطالبها بسحب قواتها فوراً؟..ألم يقرأ هؤلاء الساسة بيان مجلس النواب العراقي، ودعوات مجلس الأمن الدولي والجامعة العربية ومنظمة المؤتمر الاسلامي، وعموم الشعب العراقي بأحزابه ومنظماته السياسية والشعبية، وهي، جميعها، تطالب أنقرة بسحب قواتها من الأراضي العراقية؟

إذن هل يمكن تفسير الإصرار والتعنت والعنجهية التركية بغير كونها نوعاً من بلطجة سافرة ومخالفة للقوانين والأعرف الدولية، تستبطن أهدافاً وغايات شريرة، لم تعد خافية على أحد؟