بحثاً عن شبيه بروبلي!

233

جمعة اللامي/

قال غريب المتروك مازحاً وجاداً: سأسألك سؤالاً واحداً محدداً، فإن أجبت إجابة صحيحة، فلك جائزة ثمينة، فقاطعته: أريدها سيارة فارهة، في مرآب حديث داخل قصر، والقصر منيف، لا تستطيع دخوله حتى بعوضة!

” الكريمُ من أكرم الأحرار، والكبيرُ من صغر الدنيا”
(من أمثال العرب)

واسترسل رفيق العمر: وإن كانت إجابتك غير صحيحة، فلسوف ..
فقاطعته مرة أخرى: وأريدها سيارة، كما تشاء أنت، فنحن في أيام الجوائز والأعطيات، بل نحن نكافئ الذين لا يحسنون عملاً، ونجزي الذين يؤجلون عمل اليوم إلى غد.
استمر رفيق العمر: أحكم عليك بقراءة كتاب عن ظاهرة النوم.
ولم أقاطعه، بل قلت: سَلْ ما بدا لك؟
قال: هل يستطيع مواطن عربي واحد، من محيط الفوسفات إلى خليج البترول، أن يذكر لي اسم شركة عربية أهلية، اقتطعت من ميزانيتها السنوية دولاراً واحداً لمساعدة طبيب في أبحاثه المختبرية، أو لإيفاد باحث في شؤون الموسيقا العربية، لكتابة تاريخ هذا الفن في القرن الذي سبق القرن الهجري الأول؟
سألني المتروك هذا السؤال الطويل عندما كنا نسير على امتداد الشارع المحاذي لشاطئ دجلة، حين رأينا أكثر من رجل افترش التراب وراح في سبات عميق، كأنه في عزّ نوم الضحى!
في بلدان غير بلداننا، يبدو سؤال غريب المتروك منطقياً، وعقلانياً، ويستطيع طالب في المرحلة المتوسطة الإجابة عليه. فهناك شركات ومؤسسات غير حكومية تطور مختبرات، وتبني مؤسسات علمية، وتمول مجموعات من العلماء والباحثين من أجل إنجاز كتاب من 300 صفحة من القطع المتوسط.
ولقد أنجز الدكتور “الكسندر بوربلي” كتاباً مهماً في “أسرار النوم”، بدعم سخي من “معهد الفارماكولوجيا” التابع لكلية الطب في جامعة زيوريخ، ومن “المؤسسة القومية السويسرية للأبحاث العلمية” طيلة سنوات إعداد هذه الدراسة التي تجاوزت 300 صفحة من القطع المتوسط. وهذا هو عمل الكرام الكبار الذين عناهم المثل العربي.
إن بحثاً علمياً حول النوم، لا يقوم به إلّا عالم، مهَّد سابقوه أمامه الدرب ثم عبّدوه، ليسير عليه من دون خشية أو ريبة، بينما لا يتمكن غيره، في بلداننا العربية، من القيام بعمل لا يتعلق بالنوم، وإنما يرتبط بأبسط حقوق الإنسان في هذه الجغرافية الممتدة من ساحل السمك إلى شاطئ اللؤلؤ!