“التحول الرقمي”.. بوابة العراق نحو مغادرة ” الدولار النقدي”

123

بغداد / علي كريم إذهيب
تصدر المنهاج الحكومي مبادئ عمل إصلاحية في الإدارة العامة سلكت اتجاهين أساسيين: الأول القضاء على ظاهرة الفساد بشكل عام والفساد النظمي بشكل خاص، وهو الفساد الأخطر الذي يسهم به أكثر من مفصل داخل الجهاز التنفيذي.

الاتجاه الثاني يتمثل في تعظيم إيرادات الدولة غير النفطية، وجعل نسبتها في تقديرات الموازنة العامة الاتحادية بما لا يقل عن 20٪ بدلاً من نسبها المتدنية بنحو 10٪، أو حتى أقل من ذلك، لضمان الأهداف ضمن سنوات الإصلاح الجارية والمقبلة.”
يوضح مستشار الشؤون المالية للحكومة العراقية الدكتور مظهر محمد صالح أن “نظام المدفوعات النقدية يرتبط بدرجة عالية من اليقين certainty كلما جرت المدفوعات بالوسائل الإلكترونية أو الرقمية، وهو الأمر الذي يوفر مؤشر سيولة دقيقاً لدى الجهاز المصرفي، ويقلل من درجة غموض اللايقين في السيولة المصرفية، إذ يوفر نظام المدفوعات معلومات كافية عن تدفق الكتلة نقدية إلى داخل الجهاز المصرفي، وإيضاح مقادير المبالغ المدفوعة والمتجمعة، وبيان أرصدتها الفعلية في كل الأوقات خلال يوم العمل المصرفي.”
وقال صالح في تصريح لمجلة “الشبكة العراقية” إنه “في ظل النظم النقدية التي تعتمد الدفع النقدي المباشر، تحيط سياسات إدارة السيولة المصرفية نفسها بتحوطات إضافية من السيولة المعطلة بغية التحسب لمخاطر السيولة ‏liquidity risks‏‎ وهو الأمر الذي يعطل جانباً من العمليات المصرفية والائتمان تحديداً.”
ويضيف المستشار الحكومي: “كلما تتعاظم المدفوعات الإلكترونية كسلوك في التعامل اليومي؛ فإن إدارة الكتلة النقدية وتدفقها لدى الجهاز المصرفي ستخضع الى قاعدة الوضوح في إدارة النقد، ومن ثم توجيه الائتمان المصرفي نحو المجالات المربحة من خلال توسيع النشاط الائتماني، ما يوفر الاستخدام الكفء للكتلة النقدية، فضلاً عن انخفاض نسبة التسربات النقدية خارج المصارف، ما يعني أن تبدلاً هيكلياً في سلوك الطلب النقدي لدى الأفراد ولدى المصارف سيتوجه نحو الانخفاض، وذلك ‏‎بحكم التعاطي مع أنظمة الدفع الإلكترونية التي ترتبط بالحسابات المصرفية”.
‏‎ويبيّن صالح أن “تطور بيئة المدفوعات وانتقالها من البيئة النقدية المباشرة أو التسديد النقدي في عمليات الدفع والتسلم إلى استخدام الدفع الإلكتروني سيضيق مخاطر الدفع النقدي المحلي بعملات غير الدينار ويجنب الاقتصاد الوطني ويبعد معاملاته عن الدفع النقدي بالعملة الأجنبية، إذ إن نظام المدفوعات الرقمية لا يسمح في معاملات الاقتصاد المحلي بغير عملة الدينار، أي العملة الوطنية.”
والتحول الرقمي -بحسب صالح- سوف يساعد الاقتصاد العراقي في ميلان مدفوعات معاملاته إلى الدينار الرقمي، بدلاً ‏‎من الدولار النقدي المرفوضة معاملاته في التسويات الداخلية قانوناً رفضاً تاماً بحكم مبدأ السيادة النقدية للدينار العراقي.”
العصر الرقمي المتقدم
وأشار المستشار الحكومي إلى أن “العراق سيدخل العصر الرقمي المتقدم مطلع العام 2025 بشكل متسارع، وسيكون هناك إعلان رسمي كبير بهذا الشأن في مؤتمر تشخيص تطور المدفوعات الإلكترونية في مجالات التعامل على نطاق مؤسسات الدولة والسوق.”
وقال صالح إن “إحلال أنظمة المدفوعات وإشاعة التعاطي الرقمي، ابتداءً من الجباية الحكومية الرقمية، وانتهاءً بالمدفوعات الكبيرة والصغيرة داخل النشاط الاقتصادي، التي ستتوج العصر الرقمي الجديد للعراق، هو واحد من اهداف البرنامج الحكومي في الحوكمة الرقمية.”
ونوه صالح بأن “التسارع في استخدام المدفوعات الإلكترونية هو أحد ضمانات العمل المصرفي وسلامة ورصانة عملياته، بسبب انخفاض (مخاطر السيولة) لدى الجهاز المصرفي، لمعرفته بالتدفقات والأرصدة اليومية وبشكل مستمر دون توقف، ما يجعل المصارف تتعامل مع طلب نقدي مرن غير منكمش بالسيولة أو التحسب لفقدانها، أي دون توافر معلومات كافية بسبب ارتفاع حالة اللايقين، وهي الصفة السائدة عند غياب أنظمة المدفوعات الرقمية التي تعطل في الوقت نفسه الحاجة إلى التمويل المتسارع لإسناد النشاط الاقتصادي.”
في هذه الأثناء، قال عضو مجلس الإدارة للرابطة العراقية للمصارف الإسلامية، الدكتور عباس فاضل رحيم، إن “التحول الرقمي أصبح عاملاً مهماً في جميع دول العالم، وهو ما يحتم على جميع المؤسسات المصرفية في العراق استخدام آخر ما بلغه العلم في هذا المجال لمواكبة تطور العمل المصرفي الذي بلغته غالبية دول العالم.”
وفي حديثه مع مجلة “الشبكة العراقية” أشار رحيم إلى أن “التطورات التقنية في العمل المصرفي يمكن أن تساعد المؤسسات المالية والأفراد في تحقيق جملة إيجابيات، من ضمنها التحقيق والشمول المالي والأمان والربحية والسيولة.” مبيناً أن “جميع المصارف في العراق، الخاصة والحكومية، تعمل تحت مظلة وقوانين البنك المركزي، الذي حقق خطوات مهمة في مجال العمل الإلكتروني المصرفي، وعمل على توفير الأرضية المناسبة لتحقيق التحول المصرفي الإلكتروني، فضلاً عن تمكينه المؤسسات المالية في أن تعمل وتتقدم بهذا الاتجاه لتتمكن من أن تقدم أعمالاً مالية متطورة.”
ويلفت المختص المصرفي إلى أن” التحول الإلكتروني للعمل المصرفي يحمل جملة مزايا يمكن أن تنعكس إيجاباً على الواقع الاقتصادي في البلاد، ولاسيما في مجال امتصاص جزء من الكتلة النقدية المكتنزة لدى المواطنين، إذ سيعمل التحول الرقمي على إغناء المواطنين عن حمل المبالغ أو اكتنازها، فضلاً عن أن ذلك التحول قادر على لعب دور حيوي في الحد من ارتفاع معدلات التضخم، بسبب استخدام أجزاء العملة في التداولات الإلكترونية. وبالتالي فإن الأمر سيوفر على الأسر مبالغ مالية يمكن أن تسد أجزاء أخرى من متطلباتهم اليومية عند استخدام البطاقات الإلكترونية.” مبيناً أن “تداول الفئات الصغيرة التي تقل عن 250 ديناراً أمر شبه معدوم، لذا فإن استخدام البطاقات الإلكترونية سيعمل على استخدام تلك المبالغ.” مشيراً في الوقت ذاته إلى أن” ارتفاع معدلات التضخم أمر ناجم عن العديد من العوامل العالمية التي أثرت بشكل كبير في الأسعار، ولاسيما الحرب الروسية الأوكرانية.”
كما أوضح المصرفي أن “من مزايا التحول الرقمي المصرفي في العراق، القضاء بشكل كلي على تداول العملات المزيفة، والحد من عمليات الرشوة بسبب تقليل الاحتكاك والتعامل المباشر بين المواطن والموظفين.” داعياً إلى “تكثيف الجهود لزيادة محطات البيع بالبطاقات الإلكترونية (POS).”