أثر الذكاء الاصطناعي في الطب والأدوية.. والعلاقات العاطفية
إعداد وترجمة: أحمد الهاشم/
صاغ (جوردون مور)، أحد مؤسسي شركة إنتل، عام 1965، قانونه المعروف باسمه، الذي عدّله في عام 1975، ومفاده أن “قوة الحوسبة تتضاعف كل عامين.” لكن عالم المستقبليات (راي كورزويل) قدم قانونه الخاص أي “قانون العوائد المتسارعة” وتنبأ بأن “المئة عام المقبلة تعادل 20 ألف عام من التقدم.”
أما (مارتن فورد)، عالِم المستقبليات، فيرى أن التطورات السابقة كانت تؤثر في قطاع معين على حدة، أما الذكاء الاصطناعي فيؤثر على قطاعات عدة في آن واحد. وسيعتمد البشر على الذكاء الاصطناعي كثيراً بالطريقة التي نعتمد فيها على الكهرباء حالياً. كما يرى أن نقطة التحول كانت في عام 2012 عندما ظهرت تقنية (التعلم العميق)، أي التعلم الآلي، الذي يعني تطبيق الشبكات العصبية الاصطناعية، التي تعتمد بشكل ما على الطريقة التي يعمل بها الدماغ.
سبق أن كان فورد متخصصاً في البرمجيات، وأسس شركة لتطويرها في وادي السليكون. وكتابه (صعود الإنسان الآلي) كان الأكثر مبيعاً في منشورات نيويورك تايمز. أما كتابه (التكنولوجيا وتهديد مستقبل العاطلين عن العمل) فقد فاز بجائزة (فاينانشال تايمز/ ماكنزي) لكتاب الأعمال لعام 2015، وتُرجم إلى أكثر من 20 لغة، إضافة إلى كتاب (مهندسي الذكاء: حقيقة الذكاء الاصطناعي من صانعيه) (2018). وكتابه الأخير هو (حكم الروبوتات: كيف سيغير الذكاء الاصطناعي كل شيء).
إن السمة المميزة الأساسية للذكاء الاصطناعي، وفقاً لما نراه اليوم، هي قدرة الأجهزة على التعلم، كما يقول فورد. في الماضي كانت أجهزة الحاسوب تفعل فقط ما هي مبرمجة للقيام به. أما اليوم فلدينا خوارزميات يمكنها التعلّم بناءً على البيانات (الداتا).
منظومة ذكية للطب والأدوية
كان أحد أهم المساعي على مدى السنوات الخمسين الماضية هو أن يكتشف العلماء، بناءً على الوصفة الوراثية لجزيئات البروتين، كيفية طيها فعلياً. لكن شركة DeepMind تمكنت من إنشاء نظام ذكاء اصطناعي هو (ألفا فولد AlphaFold)، تُطوى فيه جزيئات البروتين في تكوين هندسي في غضون ميكروثانية. الأمر الذي يسهم في علاج الامراض وتطوير الأدوية. وطي البروتين هو عملية فيزيائية معقدة تحدث في الخلايا الحية، إذ تتخذ سلاسل الأحماض الأمينية (البروتينات) أشكالًا ثلاثية الأبعاد ومحددة. هذه الأشكال ضرورية لوظائف البروتينات في الجسم. ويحمل فهم كيفية طي البروتينات أهمية كبيرة في البحث الطبي وتطوير الأدوية.
فمن ناحية لأمراض والعلاجات يمكن أن يساعد نظام (ألفا فولد) في فهم أفضل للبروتينات المرتبطة بنمو الأورام وتصلب الشرايين وارتفاع ضغط الدم، وأمراض مثل الزهايمر وباركنسون، عبر فهم آليات تراكم البروتينات السامة في الدماغ. كما يحسّن هذا النظام فهم الأمراض المعدية، وتطوير مضادات حيوية وفيروسية جديدة أكثر فعالية. وبخصوص السكري، يُساعد نظام (ألفا فولد) في دراسة بنية الإنسولين والبروتينات المرتبطة به وتطوير أشكال جديدة من الإنسولين وعلاجات أخرى، كما يساعد في علاج الأمراض الوراثية النادرة عبر فهم تأثير الطفرات الجينية على بنية البروتين ووظيفته. كذلك يسهم (ألفا فولد) في تطوير علاجات مخصصة للأمراض النادرة التي كانت تعد سابقاً غير قابلة للعلاج، إضافةً إلى أمراض الجهاز الهضمي والأمراض التنفسية، مثل الربو وانتفاخ الرئة، وحتى الأمراض العقلية مثل الاكتئاب والقلق واضطرابات أخرى، ويتيح اكتشاف أدوية جديدة وتحسين فعالية الأدوية الموجودة من خلال فهم أفضل لكيفية تفاعلها مع البروتينات المستهدفة.
شعور بالوحدة
من الناحية العاطفية، فإن ما سوف يغيّر بعض المجتمعات عاطفياً هو أن يختار بعض الناس الانخراط في علاقات رومانسية مع الروبوتات. وقد تناولت ذلك دراسات أكاديمية تحدثت عن العشاق الرقميين والأصدقاء الافتراضيين، كما تناول ذلك عدد من الأفلام. ومن آثار تلك العلاقة أن بعض الأفراد قد يميلون إلى الانسحاب من التعامل مع البشر الحقيقيين، مفضلين الراحة والقابلية للتنبؤ في العلاقات مع الروبوتات، ما قد يؤدي إلى تدهور المهارات الاجتماعية وزيادة الشعور بالوحدة على المدى الطويل. وقد يؤثر ذلك على قدرة الفرد في فهم العواطف البشرية المعقدة وتفسيرها، ويؤدي إلى تناقص قدرة الفرد على التعاطف مع البشر الآخرين. لكن هذه العلاقات يمكن أن تساعد في تخفيف الشعور بالوحدة لدى بعض الأفراد، ولاسيما كبار السن أو المعزولين اجتماعياً.