جــائــزة نــوبــل في الفيزياء ينالها روّاد الذكاء الاصطناعي

46

ترجمة وإعداد / أحمد المولى

على الرغم من ان الذكاء الاصطناعي ليس من ضمن الاختصاصات التي تنال جائزة نوبل حتى الان، فإن جائزة نوبل للفيزياء ذهبت هذا العام 2024، الى رواده.
اذ أعلنت الاكاديمية الملكية السويدية للعلوم منح جائزة نوبل للعالم الفيزيائي الأميركي جون هوبفيلد، وعالم النفس الإدراكي الكندي البريطاني جيفري هينتون؛ “تقديراً لاكتشافاتهما التي وضعت الأسس للتعلّم الآلي باستخدام الشبكات العصبية الاصطناعية”، وفقا لما ذكرته وكالة الانباء الفرنسية.
ولكن ما شأن عالم فيزياء وعالم آخر اختصاصه علم النفس الادراكي بالذكاء الاصطناعي؟ تقول “لجنة نوبل للفيزياء على لسان رئيستها إيلين مونز إن أعمال الفائزَين جعلت الذكاء الاصطناعي “جزءاً من حياتنا اليومية”.
هوبفيلد: المستقبل شيء نصنعه.
جون هوبفيلد هو عالم فيزياء بريطاني كندي مهتم بأسرار الدماغ البشري منذ أيامه الأولى في الأوساط الأكاديمية. كان عمله الرائد في الشبكات العصبية، وخاصة “شبكة هوبفيلد”، ثوريًا للغاية، ومهّد الطريق للأجهزة القادرة على التعلم والتذكر، تمامًا مثل أدمغتنا.
شبكة هوبفيلد هي نوع من الشبكات العصبية الاصطناعية ابتكرها هوبفيلد في عام 1982. يقول موقع نوبل، “يمكن لشبكة هوبفيلد تخزين الأنماط ولديها طريقة لإعادة إنشائها. عندما تُعطى الشبكة نمطًا غير مكتمل أو مُحرّف قليلاً، يمكن أن تجد الطريقة النمط المُخزَّن الأكثر تشابهًا”.
افترض أنك استخدمت عطرًا معينًا بانتظام في مرحلة معينة من حياتك. بعد سنوات، تشم ذلك العطر في مكان ما، وتعود إليك ذكريات تلك المرحلة. تُسمى هذه العملية الذاكرة الترابطية، وهو ما كان مركزيًا في عمل هوبفيلد، الذي بنى شبكة اصطناعية من العقد لتخزين المعلومات، مقلدًا الدماغ البشري.
في المستقبل سيطور زميله هينتون هذه الشبكة، محققا ما قاله هوبفيلد يوما: “المستقبل ليس شيئًا ندخله، بل هو شيء نصنعه”.
مساهمة جيفري هينتون
جيفري هينتون عالم كمبيوتر مولود في بريطانيا ولديه شغف بحل ألغاز الذكاء البشري. كرّس جهوده في المجال العلمي المُسمّى “التعلم العميق”. وأعلن هينتون ذات مرة بحماسة: “نحن على أعتاب اختراق هائل في الذكاء الاصطناعي. سوف يغير كل شيء”. وكان محقًا! كان عمله الرائد في الشبكات العصبية العميقة بمثابة المحفز لعصر جديد من الذكاء الاصطناعي، وهو العصر الذي يمس كل جانب تقريبًا من جوانب حياتنا الحديثة.
“بدأ هينتون من شبكة هوبفيلد ووسعها لبناء شيء جديد، باستخدام أفكار من الفيزياء الإحصائية”، كما يقول موقع نوبل. جنبًا إلى جنب مع باحثين آخرين، بنى شيئًا يسمى آلة بولتزمان، التي استخدمت معادلة طورها الفيزيائي لودفيغ بولتزمان في القرن التاسع عشر.
تضيف (آلة بولتزمان) عنصر العشوائية إلى الشبكة، ما يجعلها أكثر قدرة على التعلم. وتستطيع التعامل مع بيانات أكثر تعقيدًا وتعلَّم تمثيلات أكثر تطورًا. باختصار، حوّل هينتون نموذج هوبفيلد الثابت الى حد ما، إلى نموذج أكثر ديناميكية وقدرة على التعلّم، ما مهّد الطريق لتطورات كبيرة في مجال الذكاء الاصطناعي.
التطبيقات العملية لأبحاث العالمين
نلمس تطبيقات أبحاث العالمين الفائزين في تفاصيل متعددة من حياتنا اليوم، مثل تقنية “التعرف على الصوت”. اذ أسهمت ابحاثهما في الشبكات العصبية العميقة في تحسين دقة التعرف على الصوت في المساعدين الرقميين مثل “سيري” و”أليكسا”، وكل منهما يستعين بنماذج التعلم العميق لفهم ومعالجة الطلبات الصوتية على نحو أفضل.
وهناك تقنية “التعرّف على الصور”، فشركات مثل فيسبوك وجوجل تستعمل تقنيات التعلّم العميق لتحسين التعرف على الوجوه في الصور والفيديوهات. ولهذه التقنية القدرة على تصنيف الصور وتحديد الأشخاص بشكل أدق.
ومن التطبيقات الأخرى لأبحاث العالمين هي السيارات ذاتية القيادة، فسيارات شركتي تيسلا (Tesla) ووايمو Waymo تستعمل تقنيات التعلم العميق لتحليل البيانات من الكاميرات والرادارات للتعرف على المشاة والسيارات الأخرى والإشارات المرورية، ما يساعد في تحسين سلامة القيادة.
أمّا التطبيق الاخر فهر الترجمة الآلية مثل جوجل ترنسليت Google Translate إذ تُمكن هذه التقنية النظام من فهم السياق والمعنى فهما أفضل.
وثمة مجال مهم استفاد من أبحاث العالمين الفائزين هو التشخيص الطبي عبر الأشعة السينية والأشعة المقطعية (CT scans) للتعرف على الأورام والأمراض الأخرى. وهناك أيضا تقنية (التوصيات الشخصية)، التي تستخدمها شركتا نتفليكس (Netflix) وأمازون مثلا، من أجل تحليل سلوك المستخدمين وتوفير توصيات أدق.