عمر بشير لـ “الشبكة”: الفنان من دون رسالة لن يترك أثراً في المستقبل
سنان السبع/
في سن الخامسة مسك عوده الصغير لينطلق بمشواره الفني الطويل، مشوار ابتدأ بتقديم أول أمسية له في عمر التسع سنوات لتصفه الصحافة آنذاك بـ “الطفل المعجزة”. وبعد سنوات عزف بصحبة والده العازف الشهير منير بشير الذي سلم له راية العائلة الفنية بعد وفاته، إنه الفنان المؤلف الموسيقي وعازف العود عمر بشير الحاصل على العديد من الجوائز العالمية المهمة، التقته مجلة الشبكة العراقية وأجرت معه هذا الحوار…
الطفل المعجزة
• أنت من عائلة فنية عريقة وبالتأكيد بداياتك مع الفن كانت مختلفة عن بقية الفنانين، كيف كانت وفي أية سنة؟
– منذ كان عمري سبعة أشهر كنت ألعب بالآلات الموسيقية، وحين كبرت في هذا الجو اقترحت والدتي أن يكون أحد الأبناء عازف عود ليكمل مسيرة والدي العازف المعروف منير بشير، لكنه رفض بسبب مشاكل الحياة الفنية والنظرة المجتمعية للفنان. لكن الوالدة أصرت على هذا الأمر واختارتني أنا كوني تربيت في هذا الجو، وبعد ذلك وافق والدي وبدأ بتدريبي عام 1975 حين كان عمري خمس سنوات.
• هل كان لديك عود خاص بك في تلك الأيام؟
– قبل سنة من ذلك التاريخ اشترى لي والدي عوداً من الصانع الشهير محمد فاضل وكان يقضي معي ست ساعات في اليوم الواحد في التدريب، وفي عام 1979 قدمت أول أمسية موسيقية لي في قاعة الخلد حين كنت طالباً في مدرسة الموسيقى والبالية بالقسم الشرقي الذي أسسه والدي، وكانت بحضور أستاذة وفنانين كثر وكتبت الصحافة في وقتها عني “الطفل المعجزة عمر منير بشير” وحين أكملت الدراسة في مدرسة الموسيقى والبالية أكملت دراستي في معهد الدراسات النغمية حتى عام 1991 وتوجهت بعدها الى هنكاريا.
تأثير والدي
• ما تأثير الموسيقار المرحوم منير بشير في حياتك الفنية، والى أي مدى ساعدك لتكون ما أنت عليه اليوم؟
– تأثير والدي كان على أغلب طلبته لكن بالنسبة لي كان أكبر وفي كل النواحي الفنية والأخلاقية والتعامل مع الجمهور وكذلك زرع بي الأسس المهمة لشخصية الفنان، وقد كان ينتقدني كثيراً أمام أصدقائه والآن عرفت أنه كان يريد مصلحتي بالدرجة الأساس. وهذه المسؤولية كانت مضاعفة خصوصاً بعد وفاته حيث أن رحيله سبب لي نكسة كبيرة في حياتي وكانت حياتي الفنية صعبة جداً.
• لديك تعامل مع الفنان إلهام المدفعي في البوم “خطار عدنه الفرح ” حدثنا عن هذه التجربة؟
– نعم، لدي علاقة خاصة مع الفنان إلهام المدفعي قبل أن تكون علاقة فنية، حيث كان كثير الزيارات لنا وكان كلما يراني وأنا طفل يحملني على يده ويلعب معي، وألبوم “خطار عدنه الفرح” اشتركنا في تنفيذه أنا والعازف فرات حسين قدوري والعازف قاسم الصابونجي حيث سجلنا الموسيقى ووزعنا الأغاني وأنا غنيت كورال في أغنية “مالي شغل بالسوك” وعملنا كفريق واحد بشكل رائع لأننا نحب هذا الفنان وقد حقق هذا الألبوم نجاحاً عالمياً باهراً.
رسالتي
• تمزج من خلال مؤلفاتك الموسيقى الشرقية والغربية، متى بدأت بهذا العمل؟ وهل لديك رسالة من خلاله؟
– أعتقد أن الفنان من دون رسالة لا يساوي شيئاً ولن يكون له أي أثر مستقبلاً، الفن بحد ذاته رسالة ومهمة الفنان أن يطور هذه الرسالة ويقدمها للجمهور، من يسعى لتطوير هذه الرسالة يبقى اسمه خالداً أما من يشوهها فينتهي سريعاً وينسى، ورسالة الفن هي المحبة والسلام والتآخي، ورسالتي هي أن أقدم موسيقى راقية هي المزج بين آلة العود والكيتار من خلال مدرسة خاصة بالعزف اسمها الموسيقى العمرية.
أسلوب مختلف
• متى بدأت بإيجاد أسلوب خاص بك يختلف عن أسلوب منير وجميل بشير؟
– في بداية التسعينات، حين بدأت أصقل موهبتي وقمت بتأسيس فرق العود والكيتارات وكذلك بعد رحيل والدي وهو الأمر الذي جعلني أشق طريقي نحو أسلوب خاص بي ومتميز، واليوم أنا أملك العديد من الأعمال الموسيقية.
تقاسيم
• عمل “تقاسيم” حاز شهرة واسعة وكذلك جائزة اليونسكو لحفظ التراث، بماذا تميز هذا العمل عن بقية أعمالك وماذا تمثل لك هذه الجائزة؟
-الجوائز لا تهمني وانما جائزتي هي أن أرى أن آلة العود تحترم وتسمع من قبل الناس مع احترامي لكل القائمين على المهرجانات التي كرمتني، هذا العمل كان طلباً من جمهوري بضرورة تأليف عمل تقاسيم لأنهم تعودوا على سماعي بهذا اللون، سبب حصول هذا العمل على الجائزة لأنني عزفته بطريقة غير تقليدية وفيه جمل موسيقية جديدة وبأسلوبي الخاص. وقد كتب النقاد الإنكليز والفرنسيون أن عمر بشير خرج بهذا العمل عن ظل منير بشير بشكل كامل واعتبروه عملاً مهماً جداً لآلة العود ولذلك دخل في كتاب اليونسكو لحفظ التراث وهذا شرف لي والى آلة العود.
• هل مازلت تبحث عن التنوع والجديد في أعمالك المقبلة؟ وما جديدك؟
-اذا لم تكن لي أعمال جديدة ومبتكرة سوف لن يراني الجمهور أعزف ولن أعتلي مسرح وانما سأتفرع للتدريس أو اعطاء نصائح، لأن الفنان يجب أن يكون متجدداً ومتنوعاً في كل أعماله، لذلك أنا دائماً أملك الشيء الجديد وقد قدمت الكثير من الأعمال التي تقدم لأول مرة، حالياً لدي عمل جديد وهو العود الراقص بتسع مقطوعات موسيقية وكذلك سأقوم قريباً بتقديم أعمال من التراث العراقي.
واقع سيئ
• كيف تنظر الى الواقع الموسيقي العراقي اليوم، وخصوصاً فيما يتعلق بآلة العود؟
– الواقع الفني العراقي يعاني من مشاكل عديدة منها فشل القائمين على وزارة الثقافة والمؤسسات الثقافية على مدى السنوات الماضية في خلق حركة فنية صحيحة وراقية وكذلك منها ما يتعلق بالفنان نفسه حيث نرى الغيرة والتكبر والنرجسية من قبل بعض الفنانين، وأنا أرى بعض الشباب لديهم إمكانية جيدة لكنهم للأسف لايعرفون كيف يصلون الى الهدف.