بين السياسة وكبسول التنحيف

1٬009

شيماء المياحي/

ينشغل العراقيون بإدمانهم الإلكتروني الجديد. حيث آثر الكثير منهم العزلة بجوّالاتهم، مقلّبين مواقع التواصل الاجتماعي بشغف كبير وكأنهم في مقهى إلكتروني واسع، يتجاذبون أطراف الحديث في حالة من التنوع في الطروحات استحالت الى ما يشبه أيامنا في شتاتها. فبين من ينشر حكماً واقتباسات قد لا تمتّ لشخصيته بأية صلة، وذاك الذي يستلم أحد المسؤولين مقطّعاً أوصاله، وتلك التي تتباهى بطبخة أعدّتها.. وهلم جرا. وكجزء من تواصلي الضروري كإعلامية، مع مجتمعي ومعرفة ما فيه، أطالع تلك الأمزجة بشغف وتمعّن، بينما فاجأتني رسالة أحدهم وبإلحاح على الخاص ..

– ست شيماء شلونج ، ممكن رد .

– اتفضل

– اني وكيل شركة منتجات تجميل وتنحيف.

– والمطلوب أخي.

– عندي كبسول تنحيف ألماني أريد تعرضيه على صفحتج وشكد يحقق مبيعات من خلالج، إلج نسبة منها.

– (صدمة لثوانٍ ثم عاودت الكتابة): أخي العزيز انت شفت طبيعة منشوراتي قبل ما تطلب طلبك، ما لاحظت ان أغلبها سياسي وجاد، شلون أنزلّك إعلان منحّف ألماني !!

– ست رحمة لوالديج متگليلي انت شمحصلة من السياسة ودوخة الراس مالتها؟؟ بيش راح تفيدچ السياسة؟ وشراح تحط بجيبج متكوليلي.؟

– أعتذر لرد طلبك ، مع السلامة.

أثار طلب هذا الشخص الكثير من التساؤلات المهمة بداخلي، ترى ما الذي جنيناه فعلاً، نحن الإعلاميين والكتّاب والنشطاء وحتى العامّة، من طروحاتنا السياسية وقرعنا المستمر على طبول السياسة؟ آلاف البرامج التلفازية والإذاعية والأعمدة الصحفية والرفض والتظاهر والاستنكار والاستهجان وووو .. حتى صدعت رؤوسنا ورؤوس من يتابعنا ..وبالنهاية السياسي لم يعرنا اهتماماً وبقي متربعا على دفّة تسيير الأمور على هواه، فهو من يفصّل ومن يلبس ومن يقرر، وهو المتفرج بمتعه على إرهاصاتنا واحتراقاتنا اليومية بينما يزداد إصراراً على التمسك بمساند كرسي (الخبزة) المتنعم من خلاله …

المشكلة أني، لحد هذه اللحظة، مصرة على الاستمرار بعرض بضاعتي الكاسدة (السياسة) وكذلك زملائي الإعلاميون الذين اختاروا استهلاك ذواتهم باستمرار الطرق السياسي اللامجدي. المؤلم ان تلك الاحتراقات اليومية المملة ربما أصبحت اليوم لا تساوي أهمية كبسولة منحّف واحدة لشخص يبتغي الرشاقة. ربما بالفعل أصبحنا مثار شفقة لجهة ما نبذل من جهد عبثاً لتغيير واقع الحال السياسي علّه يبدأ الحبوّ باتجاه المسار القويم، أو اننا نسعى لتفكيك (ميكانو) النظام القائم لنعيد تشكيله وفقاً لرغباتنا التي تستمد روحها من رغبات الشارع، بينما أريد لذلك (الميكانو) ان يبنى وفق رؤى وتصورات وخطط مسبقة ربما لا نحن ولا من سبقنا ولا حتى من سيلحقنا، سيغير فيه مكان مكعب واحد، وليبحث الشعب عن كبسولات الرشاقة أفضل ..