بغداد مدينة إبداع أدبي
د. علي الشلاه/
لم يكن قرار المنظمة الدولية للتربية والثقافة والعلوم (اليونسكو) باعتماد مدينة بغداد مدينة إبداع أدبي قراراً مجاملاً للعراق أو لبغداد، فما من مدينة أغنت الإبداع الثقافي والأدبي أكثر من بغداد التي أدخلت العالم كله في لياليها الألف وليلة، ولا في مقاماتها البديعة أو مقاماتها الموسيقية، ولا في شعرها وشعرائها ولا في ديوان روايتها الأخير.
بغداد المكان والحدث ينبغي توثيقها عالمياً وبلغات عدة، وينبغي أن يكون هذا المشروع مشروع المثقفين العراقيين اولاً ومؤسسات الدولة العراقية جميعاً، لأن تجسيد عاصمة العراق مدينة إبداع أدبي في زمن المواجهة مع الإرهاب والانتصار عليه سيضيف إليها ألقاً عالمياً يمسح عنها غبار سنوات الطغيان والموت والدمار، ويتيح لنشرات الأخبار وناشريها أن يتداولوا اسم بغداد المنتصرة في فعاليات الفن والإبداع والجمال والحضارة، وهو فعل إيجابي سيغير المشهد كله، ويعيد للإنسان العراقي اعتزازه بثقافته وحضارته ومجمل وطنه الذي حاول الإرهابيون أن يبعدوه عنه أو يدفعوه للكفر به.
بغداد مدينة استثنائية في تاريخ المعمورة، ولذلك استحقت أن ينحني لها برج إيفل ويطفئ أنواره إجلالاً لجراحاتها في الكرادة في مبادرة انسانية ملفتة للنظر لبغداد واعترافها بخدماتها الجليلة لبني البشر، مدينة كانت عاصمة الدنيا وغيومها وأمطارها ساحت ببساطها السحري في تواريخ الأمم والشعوب كلها، وتألمت لآلام الإنسانية شرقاً وغرباً وجنوباً وشمالاً، ولم يمنعها الظلام والخوف عن رؤية المعذبين وعذاباتهم.
بغداد مدينة إبداع أدبي ستضيف ليلة ثانية بعد لياليها الألف قريباً وتضمها لإبداعها، كيف لا وهي ليلة الموصل عائدة لحضن بغداد بإبداع أدبي وإنساني من شهداء رحلوا وشهداء باقين أبداً.
بغداد بدأت الحلم من جديد
فقد رحل البرابرة