تحية إلى الشباب
جمعة اللامي/
«الحياة كالدرّاجة، إن لم تتحرك سقطت»
(فكتور هوغو)
الأمر يتعلّق بالكاتب المصري، التنويري، الإشتراكي، سلامة موسى. عندما كنت أتخذ من حافلة لنقل الركاب بين الشارقة وأبوظبي، مطيّة للوصول إلى أبنائي الشباب المقيمين بالعاصمة أبوظبي، قبل نحو ثلاث سنوات. كنت أجلس مع ابنتي الشابة، بعد فتاتين آسيويتين تعملان بدبي، لم تتجاوزا التاسعة عشرة، كانتا فرحتين، لأنهما وجدتا فرصة للعمل وبناء حياتهما. قالت إحداهما بلغة إنجليزية على «الطريقة البنغالية»، إنها غير ملمّة بشؤون الحب وفنونه، وإنها ستجد صعوبة في إسعاد «زوج المستقبل»، فقالت صاحبتها بالحرف الواحد: عليك بكتاب «كاما سوترا»، الذي هو موسوعة هندية شاملة في أمور الحب والزواج.
أعود إلى حديثي في شأن سلامة موسى.
كنا لم نبلغ الرابعة عشرة، عندما تعرفنا على سلامة موسى، الذي أيقظ فينا مشاعرَ وأحلاماً قويةً، وهو يتحدث في شؤون الشباب والمراهقين وأشجانهم. كان يدعو إلى معرفة «قضايا جنسية» كانت في عداد المحرّمات. وكان يعرض مشاكل الشباب وممارساتهم الخفيّة. وكان يدعونا إلى تعلم الرقص وفنونه. وكان.. وكان، في أغلب كتبه منحازاً إلى الشباب. ومن أبرز عنوانات كتبه التي شغفتنا في ذلك العُمر، كتبه: «أحاديث إلى الشباب» و»مشاعل الطريق إلى الشباب» و»دراسات سايكلوجية» و»فن الحب والحياة» لأنها كانت تخرق «حزام الصمت» المفروض على مجتمعنا بقوة العادات والتقاليد.
كان سلامة موسى، يدعونا إلى معرفة أجسادنا، بالعلم والمعرفة والثقة بالنفس، فهي أجسادنا نحن، لا أجساد تعود إلى خراتيت وأفعوانات ومطايا خرافيّة.. ولهذا أقبلنا عليها بنهم، وكنا نضعها بين كتبنا المدرسية، أو نتبادلها سراً، حتى لقد شاع عنّا في حينه بأننا «حزب سلامة موسى».
وأنا شخصياً، أرجع ثورتي على التقاليد، وابتعادي عن السائد المتخلف في حياتنا الثقافية، إلى» ثورة» سلامة موسى، على السائد المتخلف في مصر. ولكن الأهم من هذا، أنني تعلمت من سلامة موسى، كيف أربط بين ماضينا الثقافي العراقي، وبين أفكار الحضارة العالمية، لاسيما في القرن التاسع عشر وما تلاه.
تحية إلى الشباب!