تلفزيون آخر زمن!

651

محسن إبراهيم/

ربما باتت الفضائيات ضيفاً ثقيلاً على العائلة العراقية، ضيف لا يكف عن الثرثرة طوال الوقت داخل أروقة المنازل. وحقيقة الأمر لم تعد تلك الفضائيات وما تقدمه من برامج ضيفاً مزعجاً فحسب، بل أصبحت وسيلة قاتلة تميتك ببطء شديد،هي وسيلة للتلاعب بعقول المراهقين.

راجت في الفترة الأخيرة برامج ترفيهية حوارية تعتمد السخرية منهجاً لها أو حسب ما يدعي بعضهم أنها تندرج ضمن برامج النقد التلفزيوني، يعتقد المشاهد للوهلة الأولى أن ما يتابعه هو ترفيه بريء أو نقد بناء. كما كان، في السابق، للضحك طعم آخر وللثقافة مفاهيم أخرى, حين كانت العائلة تحتضن جهاز التلفاز من أجل مشاهدة حلقة من مسلسل “تحت موس الحلاق” أو حلقة من البرنامج الساخر والناقد “استراحة الظهيرة” أو برامج الفن والرياضة والعلم مثل “عدسة الفن” و”الرياضة في أسبوع” و”العلم للجميع.”

الإنصاف يدفعنا لنستثني بعض الفضائيات التي تستحق الإشادة بما تقدمه, أما مايعرض الآن على القنوات الفضائية من برامج تحت عناوين مختلفة ماهي إلا مصطلحات فارغة من مضامينها إذا ما أضفنا إليها انعدام الرقابة والتهافت من أجل نسبة مشاهدة عالية, هذه الفوضى شوّهت أذهان المشاهدين على اختلاف طبقاتهم، فالكبار ما زالوا يقاتلون من أجل التشبث بتراثهم الراقي الذي اندثر وأهمل وغُيب، والصغار مضطرون لمشاهدة وجبات سخيفة سريعة مادتها فقيرة وسطحية, لا مفر للجميع من الاستماع إلى ألفاظ جنسية باتت اللازمة لأغلب البرامج الحوارية والنقدية, حياء المشاهد سيضطره لتغيير تلك الفضائية، ليجد فضائية أخرى أمرّ وأدهى, لن يكون هناك مهرب من كل هذا، وأفضل الخيارات المتاحة، هو إغلاق جهاز التلفاز لتبحث في عالم الإنترنت عن مايلبي رغباتك إن استطعت أن تفلت من شبكة الإعلانات الممولة!