أبو شبكة بين ربعه
جمعة اللامي/
“إنّ أبا شبكة يكره هذا الزحف العارم في العصر:
الزحف الذي يباعد بين الإنسان والطبيعة”
رئيف خوري
هذه كلمات من جملة طويلة: بلى، جملة طويلة واحدة بأفكار عبقرية، كتبها رئيف خوري، في تمجيد ديوان “ألحان” للشاعر الياس أبي شبكة. وكم أتمنى، أنا الفقير الى الله، أن يعود بعض الذين يتصدون للشعر، إلى ذلك الكتاب الصغير الأنيق، وإلى آثار مقدمه أيضاً.
وعلى الغلاف الأخير من كتاب “نداء القلب” في طبعته الثانية سنة1963، كتب ميشال أبو شهلا ما يلي: “الشاعر الذي أحبّ فعاش في حبّه، وعاش حبه في دمه وخياله وروحه وعظامه” ..و..و..و “الجسم الذي تنازعته التنهدات والثورات، فأكلته النيران قطعة قطعة، وأفنته الآلام نفساً نفساً، ذلك هو الياس أبو شبكة.”
وفي كتاب: “الياس أبو شبكة. دراسات وذكريات”، كتب الشيخ فؤاد حبيش في سنة 1970: “وأحب هنا أن أشير الى رأي غريب قال به بعضهم. فقد عدّ هذا البعض عنوان مجموعة “أفاعي الفردوس”، دليلاً على انتساب أبي شبكة الى مدرسة بودلير، وهو لو علم أن هذا العنوان اشترك في اختياره بطرس البستاني، وكاتب هذه السطور، لتردد في اتخاذه لتأييد زعمه. فما أظلم خداع المظاهر.”
وكتب رشدي معلوف في ذلك الكتاب ايضاً مقالة قصيرة، أقصر من هذا العمود، قال في بعضها: “وكتب الياس في الشعر وفي النثر، فنحت أحياناً، وانطلق أحياناً، ولكنه أحسّ دائماً، وأخصّ دائماً.. طيّب الله ثراك، يا من تضنّ الأرض بالكثيرين من أمثالك، يوم غربلة الناس في غير غرابيل الأرض.”
وكتب بطرس معوض في الدفتر ذاته: “وهو حين يكتب يزعجه كل شيء، أخف الوطء يقلقه، ولكنه لا ينهر، ولا يشتم، ولا يضج، وفوق ذلك لا يتوقف، ولكنك تقرأ في غضون جبينه وزوغان بصره، انه غير راض.”
وكتب “أبو شبكة” في مقدمة الطبعة الثالثة من كتابه ذائع الصيت: “أفاعي الفردوس” في سنة 1962 ما يلي: “فالشعر كائن حي تحتشد فيه الطبيعة والحياة، فلا يقاس ولا يوزن، والنظريات مذاهب وأغراض لا تعيش إلا على هامش الأدب، كما يعيش القرضُ على هامش الجوهر، أو كما يعيش الديكتاتور الزائل على هامش الأمة الأزلية.”
وتكفيني، وتكفي غيري أيضاً، هذه الكلمات، لعدم الخوض في شأن عنوان هذه المقالة، أن يعود قومنا الى كتب شعر أبي شبكة وما قاله فيه صحبه الكرام في لبنان.