من قتلَ حلماً بلا سبب!!
محسن إبراهيم/
في أحد خطبِه الشهيرة، قال مارتن لوثر كينغ: (لديّ حلم). وبهذا الحلم حدّد كينغ رؤيته للمستقبل من خلال تجسيد الموهبة والتفكير الإبداعي ولما لهما من القدرة على التغيير نحو مستقبل أفضل. ومن دون تلك الشرارة ستكون الحياة بلا معنى حقيقي. وتوماس أديسون كان يعاني ضعف السمع وطُرد من المدرسة ونُعت بالغبي، لكن أمّه أصرّت على أن تناديه بالعبقري وتردد على مسامعه هذه الكلمة كل صباح، وبذلك غرزت فيه الروح الإيجابية ووضعت قدمه على أول طريق الإبداع. وبالرغم من تلك الأهمية فأن الإبداع مايزال يقوَّض في مجتمعنا تحديداً، بقصد أو بدون قصد، فاللإبداع شروطه وأهمها أن يتنفس في بيئة صالحة ومناخ حر بعيداً عن التسقيط والسعي في البحث عن مكامن الخلل حتى وأن لم توجد. فإنك حين تجعل من نفسك ناقداً لكل شيء وتحكم على كل منجز بالفشل فإنك حتماً ستقوّض الإبداع، وأنت حين تحكم على تجارب الآخرين الفنية والشعرية الفتيّة وتقارنها مع كبار الفنانين والشعراء والكتّاب فإنك حتماً ستقوّض الإبداع, وحين تكون مسؤولاً في مؤسسة ما ولاتحفز الآخرين ليقدموا أفضل ما لديهم، فإنك حتماً ستقوّض الإبداع, وحين تصفق وتهلل للآخرين برغم فشلهم وتتجاهل الأقرب إليك برغم نجاحه فإنك حتماً ستقوّض الإبداع. فكل نص أو لوحة أو لحن هو مشروع إبداعي، وتلك الرغبة في البوح عن مكنونات النفس البشرية بأية لغة كانت وإن توفرت البيئة المناسبة فهي حتماً ستنتج مشروعاً إبداعياً سيستنطق القلم والحرف، وسترسم الريشة ويعزف الوتر، وسينهمر بغزارة إن لم يجد أمامه صخورَ النقد والاستهزاء.
هي دعوة أن لانصفق لأي شيء ونكيل عبارات الدهشة والإعجاب الشديد لما يطرح ويكون محض مجاملة لا أكثر، إنما لنمحّص ونبحث عن بذرة الإبداع، ودون ذلك سنقتل حلماً ومشروعاً إبداعياً بلاسبب.