في ثقافتنا

1٬147

كاظم حسوني/

قلما دخلت الفلسفة بتوجهاتها المختلفة في بوابة الأدب العراقي والعربي، ولم يحتضنها النثر أو الشعر وكتاباتنا الأخرى الا قليلا، مثلما هي حاضرة في الدرس الأكاديمي، من دون أن تتخطى أسواره، الأمر طبعا يظل مدعاة الى التساؤل، للبحث عن أسباب غيابها في الأعمال الأدبية، على خلاف ما هو حاصل في الآداب الأوروبية، إذ امتزجت الفلسفة في المنجز الأدبي، مقتربة الى حد التماهي فيها، فأضحى النص بوجوه عدة يبدو تارة أدبياً، وأخرى فلسفيا ً، كما قرأناه لدى (بيكيت، ويونسكو، وكازنتزاكي، وسارتر)، وغيرهم الكثير مما تضمنته أعمالهم من تجسيدات وأفكار ورؤى لعقائدهم الفلسفية، إلا أن مثقفينا وأدباءنا لم تفصح كتاباتهم عن قلقهم الفلسفي بعمق كاف ووضوح من شأنه اثارة أسئلة جوهرية وقضايا وموضوعات ذات مغزى فلسفي، تتمظهر في نصوص السرد والشعر عدا بعض الاستثناءات التي لم تشكل ظاهرة كما في روايات حنا مينه، وغالب هلسا، ونجيب محفوظ، وسواهم، فالكاتب الأكثر تحررا في بلدنا يعاني في الغالب شعوراً بالقهر والتوحد والقلق خصوصاً لمن يحمل أفكاراً فلسفية مناهضة لايدلوجية السلطات الحاكمة خاصة في الحقب السابقة، بمعنى أنها لم تأخذ منحى عميقا ً يمنح نبضاً فكرياً يكشف أفقا فلسفياً شخصياً كما في (الغريب) و (الطاعون) لكامو أو في (انتظار غودو) لبييكيت، ربما يمكن العثور على أبطال العبث والكفاح في سرديات ومرويات القص والرواية العربية، لكنها تبقى أعمالا ً مجتزأة لم تحمل أطيافا فلسفية مكتملة الملامح، ولا يمكن النظر إليها بوصفها نصوصاً فلسفية أدبية كما في المثال الأوروبي، إذ لا يمكن أن تنتعش الفلسفة والإبداع الا باطلاق فاعلية الفكر الحر في أوطاننا، ومنح السيادة الكاملة للعقل في ثقافتنا . .