ثقافة النظافة و (ثقافة) التأديب !
عبد الحليم الرهيمي/
تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي مؤخراً مقطع فيديو قصيراً يشير لوقوف عدد من سيارات الشحن الكبيرة وعجلات ركاب صغيرة وراءها في احد الطرق الدولية، حيث يظهر الفيديو قيام بعض سائقي تلك الشاحنات برمي قناني الماء الفارغة ونفايات اخرى على جانب الطريق، وظهر عدد من المواطنين من ركاب العجلات الصغيرة يتصدون لهم حيث نزلوا منها وقاموا بجمع القناني وتوجهوا بها نحو الشاحنات التي رميت منها.
وقد أفرحني هذا المشهد الذي دفعني الى التأمل بسرعة في أهمية انتشار ثقافة النظافة – وان بشكل محدود – بين المواطنين، وتوقعت ان يقوم الذين توجهوا نحو من رمى القناني بالعتاب والنصيحة والتمني عليهم بكل أدب واحترام – اي تواصلاً مع ثقافة النظافة – بعدم القيام بمثل هذه (الفعلة) ثانية بل ونصحهم بأن يتمنوا ذلك على ابنائهم وعائلاتهم واصدقائهم وتقدير الأهمية الأخلاقية والإنسانية والحضارية لثقافة النظافة.
لكني صدمت بعد لحظات من (غرقي) بالتأمل وانا أشاهد الاشخاص الذين التقطوا القناني من رصيف الشارع وتوجهوا بها نحو سائقي الشاحنات يقومون برميها عليهم بغضب واشارات من ايديهم – حيث لا يسمع صوتهم – تدل على زجرهم بطريقة غير لائقة ولا تنسجم مع ثقافة النظافة.. وليس (التأديب) بهذه الطريقة.
وهذا يطرح ضرورة قيام الدولة او المجالس المحلية بسن القوانين والإجراءات التي تمنع القيام بذلك وتعزز ثقافة النظافة.
لقد ذكرني هذا الحادث بما قرأته في احدى الصحف منذ فترة، عن قيام (وكالة البيئة الوطنية) في سنغافورة بفرض غرامة مالية بما يعادل 15 ألف دولار على رجل سنغافوري يبلغ عمره 38 عاماً كشفته كاميرا المراقبة وهو يرمي اعقاب السجائر من النافذة الى الشارع العام.
اما مقدار الغرامة فقد تم احتسابه على اساس 600 دولار مقابل كل سيجارة رمى عقبها على امتداد أربعة أيام! ولم تكتف الوكالة المذكورة بذلك انما فرضت عليه ايضاً ان يرتدي سترة برّاقة كتب علي ظهرها (( عمل اجباري لتصحيح خطأ)).
ربما (يشطح) الخيال بأحد قراء هذا المقال، ان يقترح تطبيق ذلك في العراق الذي يبلغ عدد المدخنين فيه الملايين، وسيكون المردود المالي لذلك الى خزينة الدولة – اذا لم يسرقه الفاسدون – مليارات الدولارات التي قد تعادل وارد العراق من النفط وربما من المنافذ البرية والجوية أيضا !!