الحظر .. نعمة أم نقمة؟

#خليك_بالبيت

ريا عاصي /

كوكب الأرض هو المستفيد الأول من أزمة جائحة كورنا التي أطلت علينا في مقتبل عام 2020، إذ أن الحظر المنزلي الذي قامت به أغلب شعوب الأرض أدى إلى التراجع الاقتصادي وتوقف أغلب المعامل والسيارات والقطارات وطائرات النقل وخلو الأماكن العامة والشوارع من الإنسان أدى إلى تراجع التلوث البيئي وعودة الحيتان والأسماك قرب الشواطئ والسواحل التي غادرتها منذ عقود بسبب البشر،انخفاض درجات الحرارة وانغلاق ثقب الأوزون فوق القطب الجنوبي الذي كان يشكل تهديداً حقيقياً أشار إليه أغلب العلماء في مقتبل عام 2020 إذ كان من المتوقع أن ترتفع درجة حرارة الأرض بمعدل درجة ونصف نهاية هذا القرن.
لكل داء دواء
في الثالث عشر من آذار 2020 توقفت الحياة في أغلب المدن الصينية التي تعد أعلى نسبة كثافة في العالم ، فأكبر شعب في العالم هو الشعب الصيني إذ يبلغ تعداده ملياراً وأربعمئة مليون نسمة، في حين أن عدد سكان العالم بلغ سبعة مليارات وخمسمئة مليون نسمة. إذاً يشكل الصينيون سبع الكرة الأرضية من السكان ، وهذا السبع أغلبه مصاب بفايروس كورونا الذي لم يجد له العلماء علاجاً حتى لحظتنا هذه.
في خلال شهرين فقد العالم 3 ملايين مواطن من سكان الأرض بداء لم يجدوا بعد دواءً له، لذا صارت الوقاية هي الحل الأمثل لتوخي انتشار المرض قبل معرفة دوائه.
وبالرغم من ذلك تحسنت جودة الهواء في 337 مدينة في العالم بأكثر من 12% بسبب بقاء الإنسان في منزله وعدم استخدام وسائل النقل، فوسائل النقل مسؤولة عن 23% من الكاربون المنبعث في الهواء. الأرض تنفست مؤقتاً، وشوارع لندن خلت من المارة لكنها لم تخلُ من قطعان الغزلان التي أمنت من البشر، وفي شواطئ البيرو عادت قوافل بالآلاف من الطيور المهاجرة، ومقاهي باريس التي تمتلىء أرصفتها خلت من البشر واستقبلت قطعاناً من البط. وفي البندقية مدينة الفن والرومانسية عادت الأسماك لتظهر في الماء وعادت الدلافين تمرح بعد أن غابت منذ قرن. وفي نيودلهي تجولت القردة في الشوارع وتعجبت لعدم مضايقتها من أحد. خبراء البيئة يعدون الآن دراسات عن كيفية خفض وسائط النقل لاحقاً للاستفادة من درس الكورونا الذي جعل الأرض أخيراً تتنفس بعد أن علق الإنسان داخل جدران منزله.
الحظر هو الحل
سارع العديد من الدول إلى إعلان حظر التجوال الكلي والمؤقت كنوع من أنواع الوقاية وخوفاً من تفشي المرض بسرعة كبيرة، ولاسيما بعد أن أعلنت فاجعة إيطاليا بتضخم عدد المصابين خلال أسبوعين من أول إعلان لها بوجود 171 حالة مصابة بكورونا، وبعد أسبوعين وصل عدد المصابين بكورونا إلى 17000 مصاب وفقدت خلال الأسبوعين 3000 متوفى بالمرض. تجربة إيطاليا حثّت الحكومات على إعلان الحظر وإعادة جالياتها إلى بلدانها ليتمكنوا من حجر أنفسهم داخل منازلهم والانضمام لعوائلهم، إذ لم يكن في الحسبان معرفة مدة الحظر وماذا سيحصل. بالرغم من ذلك امتنعت بلدان أوروبية كبيرة من حظر التجوال وأعلنت أنها تفضل اتخاذ سياسة القطيع منهجاً لمواجهة كورورنا بصدر مفتوح علّهم يكتسبون مناعة، إلا أنهم تراجعوا بعد حين فأغلقت الجامعات والمدارس أبوابها ومنعت التجمعات الكبيرة وتم اتخاذ منهج العمل من المنزل بديلاً بعد أن تفشى المرض بصورة سريعة ولم يتمكنوا من مواجهته.
عودة الأبناء
غالبية الدول، وبعيداً عن مدى إمكانياتها واهتمام حكوماتها بالشعب، أعلنت عن تجهيز طائرات لعودة مواطنيها إلى أحضان الأوطان لتتسنى لهم مواجهة المرض داخل منازلهم وبين أفراد عائلاتهم، جميع الجاليات سواء الفقيرة أو الغنية عادت إلى أدراج أوطانها إلا أبناء أرض فلسطين، إذ واجهتهم مشكلة أن الطائرات خصصت للإسرائيلين فقط ولم يضعوا بحسبانهم عرب 48. وفي الطرف الآخر لم تزود الحكومة العربية في فلسطين مواطنيها بجواز سفر كونها قيد الاعتراف ولم يعترف بها المجتمع الدولي بعد، فظهرت فديوهات من أصقاع المعمورة ينادي بها عرب 48 ويناشدون الشعوب عن مصيرهم إذ علقوا في أوطان ليست أوطانهم ولا توجد عندهم أوطان تناشدهم أو تدعوهم.
كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته
في محاولة من “مجلة الشبكة” لمعرفة آراء الناس حول حظر التجوال، قمنا بسؤال الناس عن طريق منصة التواصل الاجتماعي متخذين منها منبراً بديلاً عن المقابلات التي نصح الأطباء والعلماء بالابتعاد عنها وطالبوا الناس بفض مجالسهم والاستعانة بالعزلة المجتمعية التي تحتم عليك وضع مترين بينك وبين قرينك الإنسان كي لا ينتشر المرض ويؤذيك ويؤذي من هم حولك. سألنا الناس عن رأيهم بالحظر كمنهج وقاية ، شارك معنا مئة عراقي غالبيتهم يقطنون العراق وبعضهم يسكن خارج العراق وكانت النتيجة 90% مع الحظر كاجراء احترازي و 10% ضده ولأسباب سيتم ذكرها من خلال نشر آرائهم هنا في هذا التحقيق.
فوائد قوم مصائب عند غيرهم
غالبية الناس، ومن بينهم الفنان القدير كوكب حمزة ، إيمان خضر، علاء الخزرجي، فينوس الوردي، أصيل الحيدي، سهى المحمدي، حسن الفرطوسي، هند عمر، مصدق الظاهر، نور صباح، إيناس مجيد،، آنيتا ميرزا، هجران الزبيدي، غسان الأمير، وصال خزعل، الفنان محمد مسير، الفنان هادي ماهود، أمل عجيلن، إسراء السلطان، علي مجيد، سمر يحيى، هنريك هنريك، مصطفى ليث، آيات ابراهيم، ولين برهان، كانت إجاباتهم قطعية “أنهم مع الحظر تماماً” وقد كتبت المخرجة العراقية البريطانية أريج السلطاني التعليق التالي: “مع أني مو بالعراق، الحظر ثم الحظر ثم الحظر. لا تستمعوا للسياسيين، اسمعوا الأطباء ومتخصصي الأوبئة والبلدان التي عانت من الأوبئة قبلكم.”
بل إن الزملاء: زينة زلزلة، مصطفى ابراهيم، وأمير النعيمي، طالبوا السلطات بفرض عقوبات على المخالفين ذلك كون المخالفين لا يدركون خطورة الاختلاط معتمدين بفكرتهم على فرق تسجيل الحالات بين آخر يوم لحظر التجوال ونتائج اليوم الأول لفتح الحظر، إذ قفز العدد من 26 إصابة جديدة إلى 55 إصابة خلال 24 ساعة فقط. وقد ذكر مصطفى: “مع الحظر التام وإعلان حالة الطوارئ وإغلاق بعض المناطق بالصبّات الكونكريتيه في مداخلهه ،لأن ماعدنه ثقافة الالتزام والوعي قليل جداً يؤدي إلى الإهمال والاستهزاء والتكبر .. الإجبار هو الحل.”
أما نوف عاصي ، حنين فارس، هند عمر، زهراء ماجد ، منذر الحلاق، وزينب داوود فقد اعتبروا أن عدم مبالاة وإدراك الكثير من الناس ومخالفتهم للقوانين هو الذي ضاعف الإصابات، تذكر حنين فارس: “مع حظر التجوال لأن الناس ماعدهم وعي كافي لحماية أنفسهم وذويهم من الفايروس والدليل ما حصل في البصرة بسبب عزاء حيث انتقل الفايروس إلى أكثر من مئة شخص خلال يومين.” كما ذكر علي الراوي: “مع، لأن الباقين ما متحملين المسؤولية وإذا نعتمد على المجتمع فمصيرنا كلنا نتمرض بكورونا حتى لو نختل بسرداب.”
مجموعة أخرى كانت مع الحظر وإيجاد حلول للوضع الاقتصادي للكسبة والمحتاجين. فقد ذكرت الدكتورة نهلة النداوي: “أنا مع حظر التجوال مع علمي أن هذا شديد الصعوبة فيما يتعلق بحصول الكثيرين على قوت يومهم. نحتاج مع الحظر إلى إجراءات فعالة من الحكومة لسد حاجاتهم.”
فيما قال عباس عدنان: “نعم مع فرض حظر التجوال الشامل ومع توفير مصروف لأصحاب الدخل المحدود من قبل الحكومة.” والفنان ضياء جودة: “مع الحظر لقلة الوعي الاجتماعي ولكن مع إيجاد حلول للفقراء.”
أما حيدر حميد قاسم فقد طالب بأكثر من ذلك إذ يقول: “مع حظر التجول وتوفير المواد الأساسية من قبل الدولة ودعم المتعسرين مادياً وتوفير مساعدات مدعومة أسوة ببقية الدول وعدم الاعتماد على وقاية المواطنين لأسباب عدة، على الحكومة ومؤسسات الدولة أداء واجبها بحماية المواطنين، و هم غير قادرين كعادتهم.”
ورسل الشمري أضافت: “مع الحظر على أن تدفع الدولة رواتب لكل أصحاب الدخل اليومي. دول أوروبا سوت هيجي مع العلم ما عدها نفط.”
أما الفنانة المغتربة نهار رمضان فقد قالت: “الوباء خطير جداً ولا ينفع معه المنطق الديمقراطي والرأي العام. هناك وباء عالمي لا علاج له. حالياً التباعد الاجتماعي هو الطريقة الوحيدة لتقليل عدد الوفيات. جميع الحكومات تعاني من إيجاد حلول لتعويض الناس مادياً و توفير الطعام للجميع.”المعمارية ريا العاني: “نعم مع الحظر… على أن تدفع الدولة رواتب لكل أصحاب الدخل اليومي .”
الزميلة آية منصور كتبت تقول: “مع في حال توفير الدولة متطلبات العيش الكريم لمواطنيها والكسبة المعتاشين على الأجور اليومية! لأن الجوعان من يكعد شهر بلا شغل وهو معتمد على يوميته وين ينطي وجهه؟ صادفت واحداً منهم وكلي عندي أموت بالكورونا وماموت من الجوع. هذه الفئة هم لازم واحد يفكر بيها، هواي ويا الحظر لأن عندهم احتياط من الأموال أو يتسلمون رواتب بصورة طبيعية، بس الكاسب اليومي شلون بي؟ فكرنا بي؟”
ماذا غير الحظر
مجموعة اخرى كانت لها آراء مختلفة، إذ يقول المخرج مخلد نزار: “اكو طريقيتن لاحتواء الفايروس الأولى حظر التجوال مثل العراق، والثانية هي الفحص بشكل كبير وتتبع المصابين مثل كوريا الجنوبية، الطريقة الأولى مراح تقضي على الفايروس بس تقلل من نسبة الإصابة ، الطريقة الثانية راح تقضي على الفايروس بشكل أسرع، هذا الحجي حسب دراسة ممكن تشوفيها بوثائقي coronavirus explained صارلها كم يوم على نت وفلكس، أنا شخصياً مع الطريقة الثانية وأحبذ أن يكون حظر التجوال اختيارياً، مع الالتزام بالتعليمات الصحيه وملاحقة الفايروس بالفحص بكميات كبيرة.”
أما المحامية تقى محمد فكتبت تقول: “مر أكثر من شهر على حظر تجوال شامل والدولة ما أنجزت المتوقع منها مثل المسح الميداني بالمناطق الموبوءة ،أخذ العينات، توفير الوسائل الوقائية. كالعادة أخذت دور المتفرج وتتنظر الحالات التي تأتيها للمستشفى ولم تفكر أن هذا الوضع شكد بيه خسائر على الصعيد الاقتصادي الاجتماعي والنفسي للفرد وكأنما ضحت بيهم وكالت ممنوع تطلعون من البيت شهر وإذا ما فضت الأزمة تبقون شهر آخر.”
الباحث مجاهد الصميدعي يرى أن الحظر وحده لا يكفي ويقول: “هوه مو بس حظر تجوال، حظر تجوال وناس كاعدة يم ناس وعزايم ومعدات، شنو الفايدة من حظر التجوال، المفروض الالتزام بحظر التجوال والتباعد الاجتماعي حته تخف الكورونا لأنه إذا رجع الاختلاط فممكن تصير الإصابات بمئات الآلاف، مع حظر التجوال والتباعد الاجتماعي.”
ضحى العبيدي مع الحظر الجزئي إذ كتبت تقول “لست مع الحظر الكلي لأن الحكومة غير قادرة على توفير بدائل للذين يعملون بأجر يومي والحظر الكلي سبب زيادة في معدلات الفقر زيادة في العنف الأسري لكني مع فرض الحظر الجزئي والالتزام بمبادئ السلامة كارتداء الكمامات وإيقاف دوام المدارس والجامعات ومنع التجمعات.”
مع رفع الحظر
هناك من كان ضد الحظر وكان له رأي مغاير تماماً. فمثلا كتبت الدكتورة لاهاي عبد الحسين تقول: “أنا ضد حظر التجوال مع حث المواطن على اتخاذ إجراءات الحماية بالتباعد والكمامات والامتناع عما لا يضطر اليه.”
اما لؤي الصفار فقد كتب يقول: “أنا ضد حظر التجوال مع الالتزام بتعليمات التباعد والوقاية الصحية . حظر التجوال أضراره الاقتصادية أقوى من ضرر كورونا الصحي.”
كتب أسامة عماد يقول: “ضد الحظر التام, ولكن مع إلزام الناس على ارتداء الكمامات وترك مسافه متر واحد بين شخص وآخر (تطبيق الغرامات), اضافه للجوء إلى الحظر المناطقي بحاله حدوث مشكله.”
سعد شاهين المقيم في ستوكهولم كتب يقول: “لا حظر للتجوال في ستوكهولم! وأنا مع هذا، وأعتقدت منذ البداية أن السويد تتعامل مع الموضوع صح.”
المعمارية بان كبة كتبت تقول:”آني ضد الحظر طبعاً…أكو ألف حل أفضل وأسلم من هذا الحل المتطرف، الغبي جداً او الذكي جداً، محد يدري.”
الفنانة هاجر محمد غني كتبت: “أنا ضد الحظر طبعاً لأن الناس لازم توفر قوت يومها حتى تعيش في بلد كل الظروف اللي فيه غير طبيعية بالأصل وعملياً من تجارب دول أخرى مثل السويد النتائج لا تختلف مع الحظر أو بدونه.. إذن مالفائدة الحقيقية منه !!”
لا ويا ولا عليه
كتبت الصحفية نرمين المفتي تقول: “ضد الحظر لو كان الجميع لديهم وعي، شفتي صور الكوخ وغيره في أول يوم من ايام الحظر الجزئي وبالمناسبة اللي راحوا للكوخ وغيره مچانوا جماعات الأمور اليومية، مع الحظر شريطة التفكير الجدي بأحوال اللي على خط الفقر واللي تحته، لابد للحكومة من أن تفكر بهم وتوفر لهم وسائل عيش..”
الصديقة هايدة حداد احتارت فكتبت تقول: “ما أعرف لأن إذا حظر تجول الفقراء وأصحاب الدخل اليومي شلون رح يعيشون، وإذا بدون حظر معناها رح اتصير كارثه ، ماعرف شنو الصح؟”
الفنانة لبوة صالح عاتبت زملائها الفنانين لعدم التزامهم بالحظر واعتبرت أن مهمة الفنان هي توصيل رسالة مؤثرة تزيد من وعي المجتمع وقالت: “زيادة الوعي للشعب عن خطورة الفايروس إلى الآن أكو ناس تعتقد انو الموضوع جذب أتمنى على الناس المؤثرين يساهمون بهذا الموضوع.”
هل سيتعلم الإنسان الدرس؟؟ أمُّنا الأرض تتنفس بغيابنا وأخونا الإنسان يحتاج للوقوف معه في المحنة.
ترى هل سنتعلم؟ هل يتعلم الإنسان من أخطائه؟