السينما وعالم الأساطير

إعداد: “مجلة الشبكة العراقية” /

على مدار التاريخ السينمائي، كان للأسطورة حضور فاعل في صناعة الأفلام السينمائية، فقد استطاعت تلك الصناعة أن تحول الأسطورة الخيالية إلى واقع يشاهده العالم على الشاشة، فلا يكاد يمر موسم سينمائي دون أن يخرج كثير من الروايات والقصص إلى النور. بعض تلك الروايات يعتمد على خيال الكاتب وبعضها الآخر يستند إلى وقائع تاريخية تركت انطباعات لدى كتّاب القصة. طرزان وسوبرمان ومصاصو الدماء، مروراً بروبن هود وفرانكشتاين.
كل تلك الأسماء والأساطير استفادت منها السينما فظلت منهلاً ينهل منه صنّاع السينما، إذ لاقت رواجاً كبيراً من على شاشات العرض السينمائي لرغبة المشاهدين في رؤية تجسيد حقيقي للقصص التي لطالما سمعوا عنها، وبعض القصص التي لم يسمعوا عنها إلا من أفلام عرّفتهم إياها.
فولكلور شعبي
يعدّ روبن هود بطلاً شعبياً في قصص الفولكلور البريطانية التي عدّته نصيراً للفقراء لما قدمه مِن تضحيات في سبيلهم تتمثّل في السرقة مِن الأغنياء لإعطاء الفقراء ما يقيم أودهم. تعدّ قصّته من أكثر القصص المؤثرة حول العالم نظراً لما تمثله من محاولة تحقيق العدالة لكل المظلومين حول العالم، حتى إن اختلفت الوسائل. تحولت القصة إلى أفلام ومسلسلات تلفزيونية عِدة، أهمها فيلم يحمل الاسم نفسه (روبن هود)، من إنتاج بريطاني عام 2010، قام ببطولته النجم النيوزيلندي راسل كرو، فيما جسّد الممثل تارون إيجرتون الشخصية ذاتها في فيلم آخر.
قصة خيالية أخرى يعود تاريخها إلى عام 1818، وتعد من أوائل قصص الرعب والخيال العلمي التي كتبتها امرأة، ولاقت رواجاً عالمياً, هي قصة دكتور فرانكشتاين، العالم الذي اهتم بعلوم الأحياء والتشريح البشري، وقرر أن يخرج بمسخ، تشعر تجاهه بالتعاطف والترقب والخوف في الوقت نفسه. وبسبب انتشار هذه القصة حول العالم، تحولت إلى أفلام كثيرة بإصدارات مختلفة، أهمها كان الفيلم الكلاسيكي الذي أصدر في العام 1931 بإنتاج أميركي.
ومن الأساطير الشعبية الأخرى قصة الكونت دراكولا، الذي حارب ببسالة سنين عدة قبل أن تموت حبيبته، فيتمرد على الكنيسة، ويقرر أن يحاربها بطريقته الخاصة. ظهرت هذه القصة عام 1897، كتبها برام ستوكر، وبسببها أُلّفت مئات الكتب والأفلام والمسلسلات التي تعدّ دراكولا الأب الروحي لكل مصاصي الدماء حول العالم، الذين انتشروا بعدما كان هو الأول من نوعه. التبني الأشهر لهذه القصة كان فيلماً من إخراج فرانسيس فورد كوبولا عام 1992، بإنتاج بريطاني، وقام بدور البطولة فيه غاري أولد مان.
أساطير بوليسية
شارلوك هولمز، تلك الشخصية التي اكتسبت شهرة كبيرة بفراسته الشديدة في اكتشاف الجرائم الغامضة، كتبت تلك القصة في بريطانيا عام 1887. يتميز هولمز المحقق بقدرة فائقة على التنكّر، ولديه مهارات فائقة في الطب الشرعي، ما يجعله قادراً على التحقيق في القضايا بقدرة تفوق قدرات أي محقق آخر. أنتجت النسخة الأشهر من هذا الفيلم عام 2009 بالاسم نفسه، انتاج بريطاني جسد بطولته الممثل روبرت داوني جونيور.
قد لا يختلف جيمس بوند عن نظيره هولمز، لكنه النسخة الأحدث للبطل الخارق, وهي سلسلة من أشهر ما كتب عن الجاسوسية في القرن الماضي، وبالتحديد عام 1953. عندما نُشرت الرواية الأولى للكاتب البريطاني إيان فليمينغ، الذي أتبع الرواية الأولى بإحدى عشرة رواية أخرى، وقصتين قصيرتين لبطل الاستخبارات البريطانية جيمس بوند. بعد وفاة فليمينغ عام 1964، حاول ثمانية كتّاب آخرين كتابة قصص أخرى بطلها جيمس بوند، آخرها كان عام 2015 للكاتب أنطوني هوروريتز. وما تزال المحاولات والروايات تأتي مِن كتّاب عديدين من مختلف أنحاء العالم. أول تبني سينمائي للسلسلة كان عام 1962 للممثل الأمريكي شون كونري.
أساطير يونانية
الأساطير اليونانية أصبحت مادة خصبة لهوليوود لم يتوانَ صنّاع السينما عن تجسيدها على شاشة السينما في جملة من الأفلام التي تناولت تلك الأساطير بطرق مشوقة لجذب أكبر عدد من المشاهدين. من أبرز تلك الأساطير أسطورة الإسكندر الأكبر، وهي ملحمة تاريخية كبيرة تروي قصة حياة الإسكندر العظيم، أُنتج عام 2004 من بطولة كولن فاريل وأنجلينا جولي. تدور الأحداث حول فتوحات الإسكندر المقدوني بكثير من المبالغة والتصرف. الأسطورة الأخرى هي فيلم 300 الذي أُنتج عام 2006، ويروي قصة الملك ليونيداس الذي قاد 300 من المقاتلين الإسبارطيين ضد الملك الفارسي خشايارشا وجيشه الغازي، الذي كان يضم 300 ألف جندي، يظهر في الفيلم كثيرٌ من المخلوقات الخيالية التي أضيفت عن طريق الإخراج الرائع بتقنية (الكروما)، تستند قصة الفيلم إلى واقعة أسطورية لمعركة (ترموبيل) في الحروب الفارسية اليونانية القديمة عام 480 ق.م.
فيلم طروادة الشهير أسطورة أخرى، أنتح عام 2004، من بطولة الممثل الأمريكي براد بيت، ويروي قصة أخيل، المحارب الذي خرج مع جيوش أجاممنون ليهاجم طروادة، ويقابل الأمير هيكتور القوي في إطار ملحمي مميز. الفيلم مأخوذ من الأسطورة الإغريقية (الإلياذة) التي ألّفها الشاعر الأعمى (هوميروس) في أبيات شعرية.