بين وعي الجمهور وسهولة التعويض.. نمو محفظة التأمين ضد الحريق

بغداد : مصطفى الهاشمي /

أشرت محفظة التأمين ضد أخطار الحريق في العراق نموًا بارزًا خلال السنوات الأخيرة، وبحسب خبراء ومختصين في مجال التأمين، فإن هذا النمو يعود بالتساوي إلى سببين، الأول زيادة الوعي لدى المؤمَنين من أصحاب المحال والمخازن والمشاريع عن أخطار الحرائق، والثاني إلى كون التعويض المدفوع من الشركات مجزيًا، ما شجع الكثير من التجار وأصحاب المخازن الكبيرة على التأمين ضد أخطار الحريق.
بحسب تقرير خاص بشركة التأمين الوطنية، اطلعت عليه “الشبكة العراقية”، فإن التعويضات المدفوعة لمحفظة الحريق زادت بنسبة أكثر من 11 %، إذ سددت الشركة عن حوادث الحريق المؤمَنة لسنة 2020 تعويضات قدرها (6 مليارات و987 مليون دينار)، أما في سنة 2021 لغاية منتصف السنة، فكانت (4 مليارات و300 مليون دينار).
أسباب نمو المحفظة
يعزو المختص بشؤون التأمين عبد الحسن الزيادي أسباب نمو محفظة التأمين ضد خطر الحرائق في العراق إلى أسباب عدة، منها زيادة الوعي بين المؤمَنين حول أهمية التأمين ضد خطر الحرائق، بعد تجارب أقرانهم السابقة ونجاحها، فهو يمكن أن يكون أحد الأسباب الرئيسة لنمو محفظة التأمين، إلى جانب الجهود التعليمية والتوعوية التي تبذلها شركات التأمين والهيئات الحكومية بما يُمكنها الإسهام في زيادة الوعي بين الجمهور.
ويمثل قطاع التأمين في العراق، إلى جانب ديوان التأمين التابع إلى وزارة المالية، 3 شركات تأمين حكومية، (شركة التأمين الوطنية، وشركة التأمين العراقية، وشركة إعادة التأمين)، فضلاً عن جمعية التأمين، مع 33 شركة تأمين خاصة، وفرعين لشركتي تأمين أجنبيتين.
ورأى الزيادي في حديثه لـ”الشبكة العراقية” أن “سهولة الحصول على التعويض في حالة حدوث حريق يمكن أن تكون أحد الأسباب الرئيسة لنمو محفظة التأمين، في حال الاعتماد على تقارير الحوادث التي تعدها مديريات الدفاع المدني وجهود الجهات الأخرى، كمديرية الأدلة الجنائية وغيرها، فضلاً عن أن تسهيل الإجراءات الخاصة بالحصول على التعويض يمكن أن يسهم في زيادة ثقة المؤمَنين في شركات التأمين.”
وتابع: “من الضروري القيام بعملية كشف الموقع قبل منح وثيقة التأمين، بهدف تحديد سرعة وصول سيارات الإطفاء، وحجم المخزن أو المحل المراد التأمين عليه ضد أخطار الحريق، ونوع الكهرباء والإضاءة داخل المخزن أو المستودع، فضلاً عن نوعية المواد المخزنة وقابليتها على الاشتعال، وكلما كان المخزن مجردًا أو خاليًا من المواد القابلة للاشتعال كان ذلك أفضل.”
واستطرد الزيادي بأن “زيادة الطلب على التأمين ضد خطر الحرائق يمكن أن يكون لزيادة الوعي بين المؤمّنين حول أهمية التأمين، كما أن توسيع نطاق التغطية التأمينية يمكن أن يسهم في زيادة الطلب على التأمين، إلى جانب تحسين الخدمات التأمينية التي تقدمها شركات التأمين، ومن المؤكد أن توفير خدمات متميزة يمكن أن يسهم في زيادة الطلب على التأمين.”
يشدد الزيادي على ضرورة أن يكون “للتحقيق في مسببات الحرائق دور في دفع التعويضات إذا ما ثبت أن الحريق بفعل فاعل، وليس قضاءً وقدرًا، أو بسبب تماس كهربائي، كما هو المعمول في أغلب حوادث الحريق في عموم العراق.”
دعم قطاع التأمين
من جهته، يعتقد المدير المفوض لشركة الأندلس الخاصة للتأمين، المهندس علي قاسم، أن “الدعم الحكومي لشركات التأمين يمكن أن يسهم في نمو محفظة التأمين، من خلال توفير الحوافز للشركات التي تقدم تأمينًا ضد خطر الحرائق، اذ يمكن أن يسهم ذلك في زيادة الطلب على هذا النوع من التأمين.”
وأكد قاسم في حديثه لـ”الشبكة العراقية” ضرورة أن ” تعمل شركات التأمين والهيئات الحكومية معًا لتعزيز نمو محفظة التأمين ضد خطر الحرائق في العراق، لاسيما لأصحاب المخازن والمجمعات التجارية والصناعية، خصوصاً ونحن على أبواب فصل الصيف اللاهب.”
وأضاف “بإمكان صاحب أية شركة، أو مخزن يرغب بالتأمين عليه، مراجعة شركات التأمين لملء استمارة طلب التأمين، وهناك لجنة كشف من الشركة تتولى إجراء الكشف لتقييم الخطر وتسعيره وتحديد القسط.”
وبيّن قاسم “إمكانية تسديد القسط على دفعات، بالاتفاق، خاصة إذا كان كبيرًا، ولكن قبل انتهاء السنة التأمينية بثلاثة أشهر يتم تسديد آخر جزء من القسط.” وتابع: “في حال حصول حادث يجب إخبار شركة التأمين بشكل فوري، وبأية وسيلة، لكي يتولى كشاف الشركة الإجراء اللازم حتى لا تضيع معالم الحادث. كما ينبغي إخبار مركز الشرطة للتحقق إن كان بفعل فاعل أو قضاءً وقدرًا.”
وأكد أنه “في ضوء ذلك تتم دراسة الأوراق التحقيقية وتقرير مديرية الدفاع المدني وفق شروط وثيقة التأمين، وتصرف للمتضرر التعويضات حسب الأصول، أما إذا كان الحريق كبيرًا وسبب أضرارًا جسيمة، فينتدب عادة خبير لتقييم قيمة الأضرار التي لحقت بالمحل أو المخزن، وفي ضوئه يصرف التعويض بعد دراسة تقرير الخبير، وللمتضرر حق الاعتراض عن طريق التحكيم، وهنا يتم انتخاب محكم باتفاق الطرفين.”
تشتيت الخطر
يقول جورج فرح، المختص في شؤون التأمين: أن “وثيقة تأمين الحريق تكون مشمولة بالاتفاقية مع المعيد الخارجي للتأمين، حيث تقتضي الحكمة توزيع خطر التأمين الواحد على أكثر من شركة تأمين، بمعنى أن تتفق شركات تأمين عدة على أن يسند إليها جميع أو جزء من الأخطار التي قبلتها في تأمين معين، وتتقاسم الشركات قيمة الضرر، كل بنسبة حصتها التي يتفق عليها مقدمًا، مع تحديد عمولة للشركة التي حصلت على العملية، إذ أن الغاية من إبرام الاتفاقيات تقوم على أساس مبدأ تشتيت الخطر.”
من جهته بيّن المختص في مجال التأمين ضد أخطار الحريق، عصام جاسم، أهمية التأمين بصورة عامة، لأنه فعال في غالبية دول العالم المتطورة، ومتفوق في برامجه الاقتصادية، والضامن لكل الفعاليات المالية أيضًا.
أضاف جاسم في حديث لـ “الشبكة العراقية”: أن “من واجب قطاع التأمين حماية ثروة البلد والحفاظ عليها من الكوارث والحوادث والأخطار، وأن ما يحصل للمواطن من ضرر يكون التأمين هو السند الذي يعيد المؤمن إلى ما كان عليه وضعه قبل الحوادث.”
واختم جاسم حديثه بالقول: إن “التأمين ضد أخطار الحرائق، وتلف الأموال، وتضرر حياة المواطنين، يعود بالنفع الأعم عند تفعيل التأمين الإلزامي الجماعي، خصوصًا أموال الدولة أولًا ومن ثم أموال القطاع الخاص، وبالتالي فالعملية تكون أولًا وأخيرًا لإنقاذ الأموال العامة للعراق.”