الوارثون الأرض (***)

251

جمعة اللامي /

“ويل لمن لا يعرف طعم النصر، ولو لمرَّة واحدة.”
(ابن سينا)

نراهم في خليل الرحمن يطردون سلالته بالإيمان والانتساب من بيوتهم، وسط الصمت والصخب الأخويين، فتنخلع قلوب كثيرين، ويخلد الى السلامة آخرون، وينام النواطير عند بوابات العبور، ويتلاءم بحقنا الكافوريون المناكيد، ويخذلنا الذين ننتظر منهم النصرة، ويستعرض علينا أولئك الذين باعوا الدين وشرف الدنيا بقرشين من الفضة.
عندها، عند هذه الصورة التي تطل علينا صباح مساء، وحيثما كنا، يقول بعضنا: أي يومٍ هذا؟ وهل يبتسم من تُحتلّ أرضه، وتُغتصب داره، ويُستباح دمه وتُصادر حقوقه؟ وهذه الصورة، صورة الإقصاء شبه التام لنا خلف ما هو أبعد من النفي، التي هي ماثلة الآن، كالشمس في رابعة النهار فتكاد تغطي السماء والجهات الأربع كما يرى كثيرون وكما لا يريد أن يصدق آخرون.
غير أن فتية آمنوا بربهم، وعرفوا دورة الأيام والليالي، وخبروا صمت الأعماق، وامتهنوا ضجيج الأمواج، يدركون أن الله ناصر جنده وهازم عدوه ومحطم الأحزاب، في أيام الأحزاب البائدة وفي أيام الأحزاب التي نحن بين أيديها.
هؤلاء هم صورتنا.
هؤلاء هم فأس إبراهيم وقد صارت فؤوساً.
وهم كلمات في صحف إبراهيم بعدما حفظتهم كنانة القلم والأدب والعلم والخير والعدل.
وهم الذين نراهم فنعرفهم بوجوههم، وبأسمائهم وبأفعالهم وباختياراتهم. وينكرهم الذين لا يعرفون حكمة الأيام والليالي، ويستنكرهم الذين لا يريدون تذكر ما قاله إبراهيم لإسماعيل وما صدع به إسماعيل.
ارفع فأسك يا إبراهيم، واذبح إسماعيل فإنها الرؤيا التي تأتي من الله عز وجل.
وسلّ قلمك ياسيد الفعل فهل أخلف الله وعداً؟ وهل غاب عنا وعد استيراث الأرض في تاليات الأيام؟
فكأن نائبات الأيام، وقد رحّلت الكثير من فتياننا، تزيدنا قناعة واقتناعاً وثقة أنه بخطابنا العروبي نستعيد زمام المبادرة إن لم يكن ذلك اليوم، فهو آت غداً بعون الله.
وكلنا كلمات حق في هذه المسيرة النبيلة.