عائلاتنا في الشتاء بين الملابس الثقيلة ومواد التدفئة

195

ملاذ الأمين – تصوير: علي الغرباوي /

قبل بداية فصل الشتاء، يجتهد أصحاب محال الملابس لعرض آخر الموضات في الملابس المصنوعة من الصوف والقديفة والجلود، من أجل جذب أنظار أرباب وربات البيوت للاستعداد لموسم البرد وحماية أولادهم ودرء خطر الأمراض الصدرية.
ويشكل الشتاء لدى غالبية العائلات العراقية عبئاً ثقيلاً، ولاسيما للعوائل التي لديها أطفال وتلاميذ، إذ يتعرضون للسعات الهواء البارد خلال انتظامهم في الدوام المدرسي.
في المقابل، تتهيأ الصيدليات ومذاخر الأدوية لخزن كميات كبيرة من أدوية مكافحة الإنفلونزا والتهابات الحنجرة والبلعوم ، إذ أن الطلب عليها يكون كبيراً كلما انخفضت درجات الحرارة.
ملابس صوفية
يقول (محمد نبيل)، صاحب محل للملابس في بغداد الجديدة إن “العائلات العراقية التي لديها أطفال ومراهقون تضطر الى شراء الملابس الشتوية كل عام بسبب نمو أجسامهم ، فملابس العام الماضي لايمكن استخدامها لنفس الطفل هذا العام، ناهيك عن تغير الموضة في كل موسم.”
وأضاف: “نحن أصحاب المحال نشعر بإحراج شديد حين لا يتمكن الزبون من شراء قطعة الملابس التي يرغبها لولده أو ابنته، لأن سعرها مرتفع بالنسبة له، في حين أن هناك زبائن غيره يقتنونها دون طلب تخفيض السعر.” مؤكداً أنه “يتعمد بيعها بسعر شرائها لذوي الدخل المحدود.”
وحين سألته عن بضاعته، هل هي مستوردة أم صناعة محلية، أجاب: إن أكثر من 95% من بضاعة سوق الملابس في البلاد مستوردة، لأن الصناعات العراقية، على الرغم من جودتها، إلا أن سعرها مرتفع. ومع تقدم الوقت أصبح الإنتاج العراقي في الغالب لا يجاري الموضة، لذا فإن غالبية التجار يتجهون الى الاستيراد لسد حاجة السوق، أما بالنسبة للملابس القديمة في المحل، فاضطر الى عرضها بسعر مخفض بقصد استراداد تكلفتها وتسويقها لفسح المجال لإشغال بضاعة جديدة مكانها.
وعن موقف مر به قال نبيل: “في العام الماضي دخلت المحل عائلة مكونة من خمسة أبناء مع الأم والأب ،الأبناء كانوا ثلاثة أولاد وابنتين، وحين عرضوا على المحاسب ما رغبوا في شرائه من ملابس ظهر أن المبلغ المستوجب دفعة يتجاوز الـ 230 ألف دينار، ولاحظ المحاسب احمرار وجه الأب وشعوره بالإحراج، فقرر إرجاع بعض الملابس لكي يكفي الثمن ما يحمله الرجل من مال، وكان كلما أرجع قطعة من الملابس صرخ أحد أولاده أو بناته متوسلين بوالدهم أن يبقيه لأنهم بحاجة اليه. كان موقفاً محرجاً لايحسد الرجل عليه، وحين أخرج المال من جيبه وجد أنه لايتجاوز الـ 150 ألف دينار، فقال لي ضع لي من الملابس ما قيمته 150ألف دينار، لكني حين نظرت الى أولاده وبناته رق قلبي لهم، وقلت له خذ هذه الملابس بأجمعها هدية مني، إلا أنه لم يقبل، وطلب مني أن أتسلم ما لدية من مبلغ على أن يسدد الباقي في الشهر المقبل، وذهب مع أولاده فرحين مستبشرين، وكل منهم يقول للآخر إن ملابسه أجمل. ولم تمضِ سوى عشرة أيام حتى جاء الرجل ليسدد ما بقي في ذمته، إلا أنني لم آخذ إلا نصف المبلغ، وقلت له إن سعادة أطفالك وهم يخرجون من المحل تعادل لدي مال الدنيا، وإني لم آخذ إلا مبلغ الكلفة.”
تحضيرات التدفئة
السيد (طه جمال)، أب لثلاث بنات قال إن “بيتي واسع ولدي شبابيك كثيرة تطل على الحديقة، ما يتطلب مني كل شتاء إحكام إغلاق الشبابيك من الخارج بمادة النايلون الشفاف، للتأكد من عدم تسرب الهواء البارد الى المنزل، طبعاً بالإضافة الى ملء برميل النفط وصيانة وتهيئة المدافئ النفطية والغازية وسخان الماء، الى جانب تحضير المظلات التي نحتاجها عند الخروج في الأيام الممطرة.”
وأضاف أن “فصل الشتاء في المناطق الوسطى قصير ولا يتعدى 40 يوماً يكون في بعضها بارداً جداً، ما يستلزم تغطية الرأس والأنف والرقبة، إضافة الى باقي أنحاء الجسم، فحين يكون الجو ممطراً يكون البرد رطباً، ولكن حين يكون الجو جافاً يكون البرد قارساً ويتسبب بأمراض صدرية للأشخاص الذين لا يأخذون الاحتياطات من الملابس الثقيلة.”
دواء الإنفلونزا
فيما أكدت السيدة (أم سعاد)، وهي ربه بيت لديها بنت وولدان: “استعد قبل فصل الشتاء بتحضير الأدوية الخاصة بالنزلات الصدرية، إذ أن أولادي يصابون كل شتاء باحتقان البلعوم إضافة الى التهابات الصدر.”
وأشارت الى أن “المشروبات الدافئة والمفيدة مع عصير الليمون والبرتقال هي الزائر الدائمي لنا كل شتاء، ومع ذلك فإن أحدنا قد يصاب بالإنفلونزا وينتقل المرض الى جميع أفراد العائلة لتبدأ الرحلة مع الأدوية والحبوب لضمان التعافي من المرض.”
في حين أوضحت الدكتورة (شمس محمد) أن “الأطفال غالباً لا يدركون كيف يتجنبون النزلات الصدرية في الشتاء، لذا فإن غالبيتهم يصابون بالالتهابات الصدرية، إذ يراجع عيادتي كثير من العوائل لطلب معاينة أطفالهم المصابين بنزلات البرد، لكن الخطورة لاتكمن في الحالات الطبيعية، إذ أن أكثر الأطفال تكتسب أجسامهم المقاومة الطبيعية ضد الفايروسات، لكن الخطورة تكمن في بعض الأطفال قليلي المناعة الذاتية، فهؤلاء يشكلون عبئاً ثقيلاً على أهلهم، لأن إصابتهم بالالتهابات الصدرية تضعف أجسامهم وتجعلها عرضة لأمراض أخرى، فعلى هذه العائلات أن تنتبه جيداً لكي لايصاب أولادهم بأي مرض.”