الأنشطة الفنية.. تنمي مواهب التلاميذ وتطور قدرتهم
زياد جسام/
لا شك في أن الأنشطة الفنية تنمي الذوقين، الفني والحسي، لدى طلبة المدارس، وتدفعهم لتطوير الذات. كما أن تدريس المهارات الفنية كـ «الرسم والرياضة والموسيقى والأعمال اليدوية وغيرها»، يعطي فرصة للموهوبين للتعبير عن أنفسهم، ويساعدهم في بناء الشخصية وصقل المهارات المعرفية المتنوعة لديهم.. لكن مع كل هذه الأهمية لدرس الفنية، إلا أننا نجد أن الكثير من المدارس، ولاسيما الحكومية تهمل مادة التربية الفنية.
ما هو دور مؤسسات النشاط الفني المدرسي في هذا الموضوع؟ وكيف تتعامل معه؟
تحدثت (د. ريا نبيل الشيخ)، مديرة النشاط الفني في مديرية تربية الكرخ الأولى قائلة: «يهدف النشاط المدرسي الى استكشاف المواهب وتدريبها وصقلها على يد مجموعة من المتخصصين، وذلك لاستغلال الطاقات الكامنة لدى التلاميذ وتنمية مواهبهم من خلال التركيز على كل ما يتصل بالحياة المدرسية وأنشطتها المتنوعة، إذ تؤدي الأنشطة المدرسية دوراً مهماً وحيوياً في صقل شخصية الطلاب وجعلهم أكثر تعاوناً وإيجابية، كما أنها تنمي روح الانتماء لديهم من خلال مشاركتهم في الأنشطة المدرسية. ويسعى النشاط المدرسي الى المشاركات القطرية، أو الفعاليات السنوية التي تضطلع بها المدارس، سواء في إقامة المعارض التشكيلية والأعمال اليدوية والحرفية، إضافة الى المهرجانات الأدبية، والخطابية، والإنشادية، وعرض المسرحيات، ونحوها.»
وبخصوص مادة التربية الفنية كدرس من ضمن المنهاج قالت إن «مسؤولية ذلك منوطة بالمؤسسة التربوية، وأقسام الإشراف بشقيه، لذا ينبغي أن تفعل هذه المادة، لكي تشكل درساً مهماً وأساسياً ضمن جدول الدروس، وليس مادة تسلية يمكن التنازل عنها لصالح المادة العلمية.»
مرحلة الطفولة
أما الست (أمل العناب)، مشرف فني أول، فتحدثت عن هذا الموضوع، واصفة الفن بأنه “متنفس يحمي الإنسان ويساعده على الاستمرارية في الوجود.” وأضافت: “نحن نتعامل مع إنسان في مرحلة الطفولة أو المراهقة، وهو يرسم أولى خطاه في الحياة، ويقضي جل وقته في التعلم، لذلك فإن دروساً مثل الفنية والرسم، أو النشيد والموسيقى، أو الخط والزخرفة.. -وفق مسمياتها التعليمية- هي بالتأكيد من الدروس المهمة جداً في تكوين الإنسان الطبيعي السوي المتفاعل إيجابياً مع المجتمع. إن دروس الفنية والرسم والموسيقى والتعبير الإنشائي تعد دروساً وأنشطة تكتشف من خلالها موهبة الطفل لصقلها وتنميتها، ولاسيما إذا ما قدمها معلم واع مدرك لأهمية عمله ومادته، فمن خلال الألوان والخطوط يمكننا أن نوجه الطفل ونعرف أفكاره فننمي الايجابي ونحاول تقويم السلبي منها.. كما أن الفنون وممارستها تنتشل هذا الطفل من كم الفراغ والخواء اللذين ربما يأخذانه إلى ممارسات وأخلاقيات تضره وتضر مجتمعه..»
كثافة المواد
أضافت (العناب): «يتخذ الفن كعلاج نفسي في البلدان المتقدمة.. بل إنها اعتمدته في أولى مراحل التعلم للطفل، فوضعت برامج ناجحة للتعلم عن طريق اللعب والفن. بينما -مع كل الأسف- ألغيت دروس التربية الفنية في معظم مدارسنا بحجة كثافة المواد العلمية، ذلك لأن مناهجنا تعتمد على الحشو والحفظ المشتت في غالبية المواد العلمية، التي لا تعتمد على الفهم والاستيعاب، بحيث يقبع درسا الرياضة والفنية في المرتبة الأخيرة من اهتمام الهيكل التعليمي، بدءاً من الوزارة، وليس انتهاء بالمعلم والتلميذ والأهل أحياناً.»
وتحدثت عن قسم النشاط الفني باعتباره (منطقة فكرية) وقالت: «يتوجب أن يقود قسم النشاط الفني أشخاص على جانب قوي من الدراية بأهميته كي يعمل على إعادة الهيبة والاهتمام بالفنون بكل أنواعها واستغلال وقت الحصة المدرسية لتنمية مهارات وأنشطة التلاميذ وتشجيع الموهوبين منهم وتنمية قابليات الضعفاء والأخذ بأيديهم.»
الملاكات التربوية
كما تحدثت الست (هديل العامري)، مشرفة تربوية قدمى، قائلة: «للمدارس الحكومية قواعد ثاتبة مثل غيرها من المؤسسات غير الحكومية، والاختلاف فقط من ناحية الموارد، سواء أكانت بشرية، وأقصد بها الملاكات التربوية، أو مادية، والمقصود هنا البيئة الاجتماعية التي تقع فيها المدرسة وما يتوفر فيها من مستلزمات للنهوض بالواقع التربوي، كما أن المعلم او المدرس الفنان المبدع في المدرسة هو المنشط الأساسي الذي تقوم عليه العملية التربوية، ومن خلاله تصقل المواهب الفنية والأكاديمية لدى تلاميذه.»
وأضافت «لو دققنا النظر وأجرينا مقارنة بسيطة للأنشطة الفنية سابقاً والآن، بعد دخول وسائل الاتصال الحديثة، نلاحظ أن التلاميذ أصبح لديهم اطلاع واسع وتغذية وتنمية قدراتهم، وهذا من صميم عمل المعلم في محاكاة واقعهم والقيم الأخلاقية والإبداعية، التي يجب أن تكون شراكة بين الإدارة الداعمة للأنشطة الفنية والإشراف الفني، وفق رؤية دقيقة وخطة تنفذ داخل المدارس بالاعتماد على مواهب الأساتذة والتلاميذ، التي تعتبر البذرة الأولى للفنون كافة والبصمة الثقافية لتطوير المواهب واكتشافها وصقلها، كذلك تعتبر الدورات التدريبية والتطويرية والمعارض والمهرجانات الفنية من الأنشطة اللاصفية المساعدة في إظهار المواهب، التي تعود بناحية علمية إذا ما نفذت ضمن المناهج التربوية لهم.»