المشجعون.. من مدرجات الملاعب إلى التدخل في قرارات الأندية

121

بغداد / أحمد رحيم نعمة/
باتت بعض الجماهير الكروية تشكل عبئاً كبيراً على إدارات أنديتها، إذ أصبح بعضها شريكاً في القرارات المهمة، ومن بينها تعيين المدربين والاستغناء عنهم والإطاحة برؤساء الأندية. وبالفعل خضعت بعض الإدارات لإرادة الجماهير وغيرت المدربين لإرضائهم، فإذا لم تمتثل الإدارات لطلباتهم، فإن الجمهور قد يطيح بها.

لقد شاهدنا التغييرات الكثيرة التي حصلت في الموسمين الماضي والحالي في إدارات الأندية الجماهيرية وغير الجماهيرية مع إقالة المدربين، فالبعض من روابط الأندية الخاصة بالمشجعين تكون قراراتها أقوى من إدارة النادي، لذلك كانت ومازالت تغييرات الإدارات والكوادر التدريبية مستمرة. عن هذا الموضوع تحدث العديد من الشخصيات الرياضية والمدربين والصحفيين الرياضيين…
ردود عاطفية
يقول نائب رئيس نادي الحدود (صفاء عباس): “إذا كانت الهيئة الإدارية لنادٍ ما تعمل بشكل صحيح، فبالتأكيد سيكون المشجعون الرياضيون للنادي مساندين للإدارة، وعند الخسارة لابد من أن تعمل الإدارة بشكل سريع لإنهاء الأزمة، لأن المشجعين سوف تكون لهم ردود عاطفية، لكونهم المساندين للفريق، ولحل المشكلات لابد من العمل السريع من قبل الإدارة من أجل الابتعاد عن الخطر!”
الخضوع لطلبات المشجعين
فيما قال الحكم الدولي السابق (رعد سليم): تسهم روابط الأندية في كل موسم بالتدخل في الجوانب التدريبية، وحتى الإدارية في تسمية الهيئات الإدارية، والاستجابة لهذه الطلبات تشكل ضعفاً في إدارات الأندية.. والمشكلة هي في تأثير المشجعين بتسمية المدربين واللاعبين، ما يولد ضغطاً على الإدارات في تلبية طلباتهم، ولنا مثال في تصريحات المشجعين المؤثرين لقنوات الإعلام، إذ تستجيب الهيئات الإدارية لهذه التصريحات حفاظاً على مناصبهم، وذلك لمعرفتهم بتأثير هؤلاء على الهيئة العامة، حتى أن كثيراً من المشجعين أصبحت لديهم القدرة على تغيير الملاكات التدريبية والإدارية.”
ضعف إدارات الأندية
أما الحكم الدولي (شاكر محمود) فقال: “بكل تأكيد بعد عام 2003 طفت على السطح مشكلات إدارات الأندية وعلاقاتها المتوترة في غالب الأحيان مع الجمهور، الذي أصبح في الآونة الأخيرة يمتلك سطوة كبيرة على بعض إدارات الأندية والتدخل المباشر وغير المباشر حتى في تعاقدات اللاعبين واختيار المدربين، بل أصبحت الجماهير هي العامل الرئيس في بعض الأحيان باختيار اللاعب او المدرب، وتركزت هذه الحالات في الأندية الجماهيرية البغدادية وبقية المحافظات العراقية. ويبدو أن بعض هذه التدخلات يأتي من باب الأقوى أو من ليّ الأذرع من خلال العلاقات المبطنة بين الجانبين، أي أن بعض هذه الإدارات تخضع لرغبات الجمهور، ويأتي ذلك بسبب ضعف هذه الإدارات التي تتعاقد مع من يرغب الجمهور فيه، بهذا اللاعب أو ذلك المدرب، وحسب مزاجهم، وبخلاف ذلك لا تكتمل الصفقات. بالإضافة إلى ذلك أصبح للتواصل الاجتماعي دور مهم باستخدامه مصدراً للرزق، إذ يعتبره بعضهم مهنة وسمسرة لكسب العيش، وهذا ما أثر على واقع الكرة العراقية عامة والفرق الجماهيرية خاصة، وأخص بالذكر الفرق الجماهيرية، منها البغدادية ومنها أندية المنطقتين الوسطى والجنوبية وحتى الشمالية. إن على الأندية معالجة تلك الأمور واعتبار التعاقدات والمفاوضات من صلب عملها ومسؤولية الكادر التدريبي وعدم السماح للغير بالتدخل في هذه الأمور، وقد ظهرت في الآونة الأخيرة مفردات جديدة من على المدرجات لا تعترف بالتعادل والخسارة، حتى وصل الأمر بالبعض أن كرة القدم تعني فقط الفوز، أملنا كبير في أن تكون هذه الروابط هي المسؤولة عن تهيئة الدعم الجماهيري عند الحاجة في المواجهات المصيرية في الدوري وأن تكون عاملاً مسانداً بالوقوف خلف الفريق من أجل رفع معنويات اللاعبين داخل المستطيل الأخضر.”
الإدارات هي السبب
وكان لمدرب حراس المنتخب الاولمبي (صالح حميد) رأي عندما قال: “السبب هي الإدارات أولاً لأنها تستعين ببعض المشجعين للترويج، ومن ثم يظهر الخلاف. وثانياً هناك عامل خطير هو الإعلام، الذي يعطي مساحة لبعض المحسوبين على الفرق بجعل أنفسهم قيمين على مصير النادي واللاعب والمدرب. وثالثاً ما يخص القانون، إذ إن على المسؤولين أخذ زمام تنظيم تلك الأنشطة بدل ترك بعضهم يتمادون ويرون أنفسهم أكثر قدرة في التأثير، ولا ننكر أن هناك جماهير واعية كل همهم دعم فريقهم في كل الأحوال، لذلك هي مرحلة غير طبيعية، وعلينا كرياضيين التعاون وعدم زج الجمهور بالأمور التي ليست من اختصاصهم، وهذا امر محزن بات يلقي بظلاله على العملية الرياضية.”
التشجيع النظيف
ويقول الصحفي الرياضي (عبد الكريم ياسر): “في السابق عرف أهل الرياضة عن عشاق الأندية والمنتخبات أنهم فاكهة المباريات من خلال هتافاتهم الجميلة التي تؤازر اللاعبين وتحفزهم على تقديم الأداء الممتع وتحقيق الفوز، ولهذا لقبت الجماهير باللاعب رقم 12 لما لهم من تأثير ومساهمة فعالة في تحقيق الفوز، لكن ما يؤسف له أن هذا الأمر انقلب رأساً على عقب في هذا الزمن الأغبر، إذ إن معظم الإشكالات التي تحصل في الأندية والمنتخبات يكون سببها بعض الجماهير الذين استغلوا الحرية والديمقراطية التي فسروها على مزاجهم بحيث أصبح هؤلاء يتدخلون في عمل الإدارات ويكونون سبباً في إقالة المدربين وتغيير اللاعبين وما إلى ذلك وكأنهم فنيون، كذلك يسهم في هذه الفوضى بعض من العاملين في الأندية والاتحادات، هؤلاء الذين هم ضعفاء وفاشلون، بل إن منهم من هو فاسد إدارياً ومالياً، ولهذا كانوا يحاولون إرضاء الجمهور وتلبية ما يطلب منهم. المشكلة أن هناك كثراً من المشجعين يظهرون في لقاءات تلفزيونية مهددين الإدارات والمدربين بشكل علني، مدعين أنهم أصحاب النادي، ولا أعرف من أعطاهم هذا الحق.”
صوت المشجع
فيما يرى الصحفي الرياضي (مهدي العكيلي) أنه “بعد التغيير أصبح صوت المشجع أقوى من صوت إدارة النادي، حتى صار المشجعون يغيرون المدربين واللاعبين من خلال هتاف واحد، بل إنهم أطاحوا بإدارات أندية، هذا التعامل أخذ يستفحل ولا يقتصر على نادٍ أو اثنين، إنما أصبح لصوت المشجع تأثير كبير، والمقبل أكثر بالتأكيد لأن هذا الصوت أخذ يعلو ويحقق ما يريد، وغالبية الإدارات تطيع وتكون صاغية وملبية لطلباتهم.”