أشجار سعد ياسين يوسف تلهث في العراء

1٬100

فائدة كامل  /

في أجواء مزجت الشعر والموسيقى بالتراث وعبق الماضي.. عقد منتدى العراقية الثقافي جلستيه: الشعرية والموسيقية، وهو يحتفي بانتهاء موسم فعالياته لعامه الأول. تناولت الجلسة الأولى التي أدارتها الشاعرة (نجاة عبدالله) منجز الشاعر (سعد ياسين يوسف).
وعلى وقع عزفٍ للعود للفنان (جمال الرحال) قرأ الشاعر قصائده وكانت (أشجار لاهثة في العراء، اللاهو، عصافير ميتة، شجرة القصيدة، شجرة المفاتيح، لا ضير في حلم، أشجار خريف موحش، جدران، تماثل). وتخللت القراءات الشعرية هذه قراءات نقدية أوردتها مديرة الجلسة: الشاعر وسرّ تمسكه بالشجرة كرمز وتميزه بقصيدة النثر مستشهدة بما قاله أ . د عبد الرضا علي في كتابه النقدي (قيثارة أورفيوس): “إن قصيدة النثرِ الشعريّ تحتاجُ شاعراً قادراً على مسكِ جمرةِ النصِّ الشعريّ باقتدارٍ وتمكّنٍ وإنَّ القابضينَ على جمرةِ النصِّ المفتوحِ قلَّةٌ، والشاعرُ سعد ياسين يوسف هو واحدٌ من هذه القلّةِ بامتياز.”
كما أوردت ما قاله الناقد (فاضل ثامر) عن الشاعر: “إنَّ رمز الشجرة وفي لحظة ما يتحول لدى الشاعر إلى قناع، مشيراً إلى وجود مجال لاشتغالات نقدية كثيرة في بنية الصورة والاستعارة في شعر المحتفى به. حيث رمز الشجرة التي تنتمي إلى قطب الطبيعة في مواجهة الوجه الآخر المتمثل بالإمحاء واستلاب الرونق الطبيعي للحياة والإنسان.”
وشهدتْ الجلسة مداخلات عديدة.. ففي كلمته عن آخر ما كتبه الشاعر سعد ياسين “أشجار لاهثة في العراء” قال الناقد أحمد فاضل:
الشاعر سعد ياسين يوسف صوت شعري يحمل مفردة نابضة بالحياة، لا تصعب أمام قارئها لاستكشاف معانيها، فمنذ أكثر من ست سنوات وتحديداً الفترة المحصورة بين إصداره لمجموعته الشعرية “شجرُ الأنبياء” عام 2012 وآخر إصداراته “أشجارٌ لاهثةٌ في العراء” 2018، تعرفت على تجربة شعرية أخذت بمجامع إعجابي، فثيمة الشجرة التي بنى الشاعر أكثر نصوصه عليها، هي رمز العطاء ورمز الزينة مانحاً حروفه من خلالها لوناً أخضر زاهياً، لكنه هنا في مجموعته هذه يجلس إلى الأشجار محاوراً، باثاً لواعج عواطفه، باحثاً عن سر رفيفها وهي تركض في عراء الأسئلة، ولأن هذه النصوص تكاد تلامس حقيقة ما شعر ويشعر به الشاعر من مناجاته لها فهي تعكس قدرته على تقريب المفردة الشعرية للمتلقي والناقد على السواء، طيعة، بسيطة، عميقة، نادرة في معانيها وصورها وحبكتها، له القدرة على ملامسة الوجدان بها وكأنه يكتبها على لحاء النخل أو جذع الشجرة .
أما الشاعر والناقد (رضا المحمداوي) فقد تحدث في مداخلته المتفردة:
من شغفهِ وشدة ولعهِ بالاشجار وتوظيفهِ لها من حيث المعنى والتشبيه واستخدام دلالتِها وحضورها الكثيف في نصوصهِ، وكذلك في اتخاذها (ثيمةً) أساسيةً في مجمل نتاجه الشعري، جاءَ لقبُ (شاعر الأشجار) ليقترنَ بالشاعرسعد ياسين يوسف كتوصيف نقدي يسمُ تجربتَهُ الشعرية التي عمَّقتها إصداراته الشعرية .
وتساءل (المحمداوي) عن مكان أعشاش الأشجار قائلاً: أحسبُ وبقراءةٍ شعريةٍ متواضعةٍ أنَّ عشَّ الشجرة هو الأرض التي تنبتُ فيها، ومَهْما يكن من أمر فإن الأشجار لن تغادر الأرض التي نَبَتتْ فيها، ونَمَتْ، وتبرعَمتْ، وتجذرّتْ، وأزهرتْ، وأثمرتْ، وتكاثرتْ بها .
………..
ومن قاعة د .(عبد الرضا علي) الى قاعة الفنان (فائق حسن) والجلسة الثانية بإدارة الفنان (جمال الرحّال) وضيافة الفنان (لانس كونوي) متحدثا عن (تأثير التكنولوجيا في الموسيقى) بقوله: إن الموسيقى في أصل نشأتها انطباعية كونها ليست من ضمن الواقع الملحوظ والمحسوس في عصور ما قبل الحضارات وصناعة الآلات الموسيقية البدائية. لكنها وبعد أن عرفت الشعوب الآلات الموسيقية المتنوعة بتنوع الحضارات والثقافات أصبح وجود الآلة الموسيقية صوتاً ومادةً، حالة واقعية، رغم إنطباعية الموسيقى كفن. أما اليوم وفي سرعة تطور التقنيات الحديثة في الموسيقى فقد ظهرت أصوات لآلات افتراضية جديدة أكدت انطباعية العمل الموسيقي وحولت ما متعارف عليه من العمل الموسيقي المبني على العزف باستخدام الآلات الموسيقية الحقيقية إلى حالة واقعية من الفن الموسيقي.
وأضاف (كونوي) قائلاً: لقد ساعدت التكنولوجيا على إتاحة فرصة تدوين النوتة الموسيقية في جهاز الحاسوب بدلاً من الكتابة اليدوية لغرض حفظ العمل على شكل بيانات يمكن التحكم فيها بسهولة عبر الحاسوب.
وشدد الفنان الموسيقي (كونوي) على الأخذ بيد الفنانين المبدعين الملتزمين وإسنادهم معنوياً ورمزياً لأن صمتهم يكرس حالة تواصل واستمرار (النعيق) الذي بات ينتشربوضوح وبكل أسف ليساهم في تخريب الذائقة العامة. من ناحية أخرى فعلى الفنان الملتزم أن لا يتوقف عن الاطلاع والتعرف على كل جديد من تقنيات جديدة تظهر وتواكب إنتاج الأعمال الموسيقية.
بعدها فتح باب الحوار والنقاش مع السادة الحضورعن الأصوات الغنائية من الأجيال السابقة والحالية كذلك الألحان الجديدة والموصوفة بأنها إلكترونيات بعيدة عن ثراء الجملة الموسيقية وذلك بسبب استخدام التكنلوجيا من قبل أشخاص من غير اختصاص.
وخلصت مناقشات الحضور الى ضرورة تشكيل لجان مختصة للارتقاء بالذائقة الفنية والموسيقية وتوظيف التكنلوجيا بشكل صحيح ومفيد وعملي كذلك التمسك بالتراث الفني والفلكلور والهوية الفنية العراقية الأصيلة على أن تتولى شبكة الإعلام العراقي الدور الأكبر في هذا الامر…