ما الذي يستهوي الأدباء والكتاب على شاشات التلفاز؟

720

نجاح العلي/

التلفاز، هذه الشاشة الصغيرة التي لايستغني عن متابعتها الكائن البشري العادي، فما بالك بالمثقف الذي ينبغي أن يكون حريصا على الاطلاع والمعرفة من خلال جميع الوسائل والطرق لاشباع رغباته وميوله بعد أن تعددت القنوات بتوجهاتها المختلفة وتناسلت أعدادها.. ترى ما الذي يستهوي المثقفين وماالذي يشدهم للشاشة الصغيرة..

يؤكد المفكر العراقي وعالم الاجتماع الدكتور فالح عبدالجبار بقوله: أنا في العادة لا أتابع ما تعرضه الفضائيات. واقضي أغلب وقتي في البحث والقراءة والقاء المحاضرات أو الجلوس في المقهى وقت الراحة ومنادمة الزملاء والأصدقاء، وعند متابعتي للتلفزيون في أحيان قليلة اشاهد الأخبار من ثلاث محطات مختلفة واتابع برامج العلم، خصوصا فيزياء الكون ورياضياته ولي اهتمامات خاصة بمتابعة ومشاهدة أفلام عالمية مختارة من عيون الفن العالمي لا الأفلام الهابطة السطحية، أما بالنسبة للفضائيات العراقية فمع الأسف الشديد وبمرارة أقولها هي في العموم مبتذلة، وغير موضوعية، ورثة. بانتظار ما تسفر عنه محطة جديدة ارجو أن لا تخيب أملي.

أنا مقاطع التلفزيونات الأهلية!

الروائي شوقي كريم حسن ادلى بدلوه في الحديث قائلا: أنا من المقاطعين لاي مشاهدة لما نسميه اعلاميات القطاع الخاص لأنها لاتتوافر على مصداقية في نقل الخبر وتراه بعين حزبيتها وممولها، لهذا ظل الاعلام العراقي قاصرا عن جذب المشاهد وان حدث، فانما يحدث بنسب قليلة من تلك الفضائيات التي تعارض الفعل الحكومي وتكشف مفاسد السلطة هذا ما نلمسه في الشارع ونراه حقيقة. أن نسبة المشاهدة تكاد تكون معدومة ولجوء المتلقي الى حواضن أخرى له أسبابه ولابد من دراسته، فببساطة رأس المال السياسي يقود الاعلام بحسب هواه ورغبته.

لا أشاهد القنوات الطائفية
والتعبوية المؤدلجة

الكاتب والاعلامي الكربلائي عباس عبدالرزاق الصباغ عبر عن وجهة نظره بالقول: متابعة المثقف لوسائل الإعلام المختلفة لاسيما الفضائيات خاصة المحلية منها، تعتمد على عدة أمور منها نوعية اهتمام المثقف ودرجة ثقافته فالبعض يميل الى متابعة الدراما مثلا والبعض يميل الى القنوات الخبرية لتقدم له ما يستجد من أمور، والبعض يميل الى القنوات المنوعة وأنا شخصيا أميل الى متابعة قناة العراقية الفضائية لاستقلاليتها وموضوعيتها وصدقيتها ولأنها تقدم لي كل ما أريد كوني اعلاميا وكاتبا واحتاج الى الخبر العاجل والتحقيق الناضج والتغطية الإعلامية الواسعة وانا لا أشاهد القنوات الطائفية والتعبوية المؤدلجة اطلاقا لقلة مصداقيتها لهذا اجد في القناة التي اتابعها كل ضالتي وحاجتي.

مشاهداتي متنوعة

واشار رسام الكاريكاتير الرائد خضير الحميري الى أنه في العادة يشاهد ما تنقله القنوات الرياضية من مباريات الدوري الأوروبي، التي تمثل بالنسبة لي ولعا خاصا، يمنحني فرصة للتفاعل مع نجوم وفرق قد لايعنيني فوزها أو خسارتها، لكنها تمنحني الفرجة النظيفة، وتنقذني من بلادة القنوات المحلية، وإنعدام المهنية في برامجها وتحليلاتها، كما أتابع بعض الحوارات التلفزيونية تبعا للمحاور وليس لمن يُجرى معه الحوار، فهناك محاورون موهوبون في إدارة الحوار بعيدا عن الصراخ، ولي عنق الحقائق والاستخفاف بالضيف، كما أشاهد بعض الأفلام المميزة، والبرامج الوثائقية، وما تيسر من خزين اليوتيوب.

برامج فكرية وندوات ثقافية

الكاتب والصحفي حسب الله يحيى اشار في حديثه الى أنه لا يعول أبدا على البرامج الثقافية لأنها مجرد تغطيات خبرية والقسم الآخر تتحدث عن ذكريات عابرة أو موروث ميت، يوميا ابحث عن برامج فكرية أو ندوات ثقافية ولا أجد إلا القليل منها، أما سير المبدعين فلا تخلو من استعراضات ذاتية بحتة لاتغني المتلقي. تبقى الأخبار السياسية والآراء المطروحة وهي في العادة تقدم عددا من التحليلات التي لاتحل ولاتربط وأصحابها لايمكن الركون إلى معظمهم. تبقى هناك الأفلام والمسلسلات التي كنت قد شاهدتها فاحرص أن أشاهدها في عروض لاحقة. المتقاعد عن الوظيفة مثلي يبحث عن كل جديد وعن كل مايتعلق بوضعه الصحي والاجتماعي حتى يتمكن من التواصل مع الحياة.

التقارير الاستقصائية

عميد كلية الاعلام في جامعة بغداد الدكتور هاشم حسن عبر عن وجهة نظره بالموضوع بالقول: أشاهد الأخبار وبعض البرامج الحوارية واتابع التحقيقات والتقارير الاستقصائية في القنوات العربية والاجنبية كافة برغم قلتها وندرتها، لأنها تحرص على البحث والتدقيق والاستقصاء حرصا على الموضوعيـة والدقة وللتأكد من صحة الخبر وما قد يخفيه انطلاقا من مبدأ الشفافية ومحاربـة الفساد والتزاما بدور الصحافة ككلب حراسة على السلوك الحكومي وكوسيلة لمساءلة المسؤولين ومحاسبتهم على أعمالهم خدمة للمصلحة العامة استلهاما لمبادئ قوانين حـق الحصول على المعلومة وسرية المصدر. واحرص ايضا على مشاهدة الأفلام العالمية وانتقي مسلسلا واحدا في رمضان، امتنعت عن مشاهدة حوارات المقدمين المهرجين اصحاب الأجندات القذرة من الذين باعوا ذمتهم للمال السياسي.

الثقافة مؤجلة

الكاتبة والصحفية ونائب الامين العام للاتحاد العام للادباء والكتاب في العراق السيدة عالية طالب قالت: منذ عام 2003 والبرنامج الأهم اعلاميا الذي اتابعه هو “نشرات الاخبار” اولا وبطريقة مزدوجة فأنا اقرأ التايتل واستمع الى ما تدلقه علينا الأخبار من توترات وتشنجات وألم ومأس، تمتلأ نظراتي بالدموع وقلبي بالقيح ونفسي يسودها الظلام فأبحث عن فسحة من أمل لا اجدها الا في المتابعة الثقافية والأدبية فاستمع الى النزر اليسير من متابعة الابداع في المنافذ الاعلامية المحلية التي لم يعد يشغلها كثيرا المشهد الثقافي ازاء المشهد السياسي والأمني المرتبك.

لاترضيني تلك المتابعة التي لا تقدم لي ما ابحث عنه تماما فالثقافة مؤجلة في المنافذ الاعلامية المحلية وربما اجد ضالتي في قنوات أخرى، فاتابع القناة الثقافية المصرية واجد فيها احيانا ما أريد وغالبا لا أجده حقا. يبدو ان الاهتمام السلبي هو السائد محليا وعربيا.