الوزير برأي فلاح
عبد الحليم الرهيمي/
ثمة واقعة حقيقية ينظر اليها احياناً كطرفه حدثت مع وزير سوري في نهاية الستينات من القرن الماضي وظل يتحدث عنها بعض السوريين لسنوات تلت وقوعها . ومفاد هذه الواقعة – الطرفة ان عدداً من الفلاحين قدموا من احدى المحافظات السورية لمقابلة وزير الزراعة يشكون اليه بعض مشكلاتهم املاً بحلها وتقديم ما لديهم من مطالب وعندما وصل الفلاحون الى الوزارة سأل رئيسهم عن مكان مكتب الوزير فأشار له الحرس انه في الطابق الفلاني وحين صعدوا وسألوا اشاروا لهم الى باب مكتب الوزير، وحين دخلوا مكتب السكرتير دعاهم للجلوس والانتظار ثم دعاهم بعد ذلك للدخول الى مكتب مدير المكتب الخاص وبعد انتظار سمح لهم بالدخول الى السيد الوزير لمقابلته وعند دخولهم قام الوزير من وراء مكتبه وسلم عليهم مرحباً ودعاهم للتفضل بالجلوس فأجابوه نريد ان نرى الوزير، فأجابهم انني انا الوزير، فأجابه من كلفوه برئاستهم اخي: (نحن جايين هون نريد ان نقابل الوزير وقد تأخرنا كثيراً) اجابهم مرة اخرى : انا الوزير أخوان تفضلوا ماذا تريدون ماهي مطالبكم؟ اجاب رئيسهم يا اخي (يا حباب) نحن نريد نقابل الوزير وحاجة تمزح معنا وهنأ أخذهم الوزير بحلمه مؤكداً لهم انه الوزير فردوا عليه لقد زودتها يا أستاذ دعنا نرى الوزير .. وعندما أقسم لهم بأغلظ القسم وأقنعم انه الوزير وأقتنعوا بذلك بدأوا بتقديم شكواهم ومطالبهم . لكن الوزير قال لهم قبل ان اجيبكم اود ان اسألكم وتجيبوني بصراحة : لماذا لم تصدقوا في البدء انني الوزير، وما هي مواصفات الوزير بتصوركم؟ أجاب رئيسهم أن يكون مرتدياً بدلة انيقة وربطة عنق، وانت تلبس (القيد العسكري) وكذلك ان يكون أصلع وذا كرش، وانت ليس كذلك، وان لا يستقبل زواره بالترحيب الذي قابلتنا به، وان يرد السلام بأشارة من رأسه ومن وراء مكتبه، ولم تكن انت كذلك .. فرد الوزير مبتسماً قائلاً : معكم حق لكن ليس كل الناس سوه كما تعرفون! كان الوزير المعني آنذاك هو العقيد عبد الكريم الجندي احد قادة حركة 8 آذار 1963 والذي أنتحر بمكتبه ذات يوم من دون ان يعلن احد سبب اقدامه على الانتحار .
واليوم، لو سأل فلاح عراقي كالفلاح السوري – ان وجد – عن رأيه بمواصفات الوزير العراقي، او معظم الوزراء، فماذا سيجيب؟ اترك لكم التعليق!