لماذا تراجع الاهتمام بالمجلات الثقافية؟

244

بغداد ــ هند الصفار/
تصدر معظم المؤسسات الثقافية والأكاديمية والعلمية مطبوعات ودوريات تحتوي مضامين متخصصة ترصد اهتمام المؤسسة وتخصصها، غالباً ما تطبع بأعداد محدودة يجري تداولها أولا بين منتسبيها، والبقية تطرح في السوق المحلية، وقد تطلب من قبل مؤسسات خارج البلد أيضا.

من تلك الإصدارات مجلات الجامعات والكليات، ومجلة (المترجم) التي تصدر عن جمعية المترجمين العراقيين، ومجلة (الأديب) عن اتحاد الادباء والكتاب العراقيين، اضافة الى مجلات دورية تصدر عن العتبات المقدسة والمؤسسات التابعة لها تعنى بالأدب والثقافة.. الى غير ذلك من الإصدارات.
ولم تعد مواقع هذه المجلات الإلكترونية كافية للاطلاع على محتواها، لأن هناك من تستهويه تلك المجلات او أدمن قراءتها، مازال يحب رائحة الورق ولا يحبذ القراءة الإلكترونية، بل يسعى الى الاحتفاظ بها كنوع من المقتنيات المهمة.
تتساءل عبير عن وجود هذه المجلات: “هل مازالت موجودة؟” واندهشت من أن هذه المجلات مازالت تصدر. أما نورا نبيل فإنها علقت عند سماعها أسماء هذه المجلات قائلة: “الله! كان شغفي بها منذ زمن، لكن الآن هل هي موجودة فعلاً؟”
فيما أبدت أسيل أكرم اهتمامها بالموضوع متسائلة: “أين هي المجلات الأدبية والثقافية اليوم؟” مضيفة: “انا مهتمة لأني أعمل في وزارة الثقافة، وأود ان أعرف هل هناك طلب فعلاً على هذه المجلات؟”
ويؤكد العديد من المثقفين ان تأثير الإنترنيت على القراءة الورقية سلبي جداً، وهذا أحد أسباب عدم اقتناء المجلات الأدبية والثقافية الرصينة. أما بعضهم الآخر فقد عزا السبب الى قلة انتشار هذه المجلات في الأسواق واختلاف ذائقة المواطن العادي وتفشي الأمية الثقافية.
طبعة محدودة
يقول الدكتور حسن عبد راضي، رئيس تحرير مجلة (المورد) إن “المجلة بدأت بالصدور منذ 52 عاماً تقريباً، وهي الآن تصدر بطبعة محدودة بنحو 250 نسخة، وقد رفعنا العدد الى 500 نسخة، لكننا عدنا الى العدد المعتاد للنسخ، وذلك ربما يعود لظروف مالية تعاني منها دائرة الشؤون الثقافية، وهذه النسخ تنفد، كما أنها حاضرة في أجنحة الدار عند مشاركتها في معارض الكتب في داخل العراق وخارجه، ولها جمهور نخبوي، ويبحث عنها الأكاديميون والباحثون للاطلاع على محتواها لكونها متخصصة بالتراث، وهذا لا يعني أن القارئ العادي لا يستفيد منها، بل على العكس فإن مواضيعها تفيد الجميع.”
فيما يقول الناقد علي سعدون، مدير تحرير مجلة (أقلام): “تعتبر المجلة من المجلات العريقة، التي ستحتفي قريباً بمرور 60 عاماً على تأسيسها، وهي تخاطب جمهور الثقافة والأدب العراقي والعربي. تطبع المجلة بحدود 400 نسخة وتنافس قدر استطاعتها من أجل البقاء والاستمرار بسبب طغيان القراءة الإلكترونية على المشهد الثقافي بشكل عام.”
وأوضح أن “المجلة تطلب من قبل الباحثين والمهتمين بالثقافة وقراء الأدب.” أما عن تراجع مستويات تسويق المجلات الثقافية في العراق، فقد عزا سعدون السبب في ذلك الى إلغاء شركة التوزيع الوطنية التابعة الى وزارة الثقافة.” مستدركاً: “لكننا برغم ذلك نحاول إبقاء الجسور ممتدة مع قارئها، ونحاول إيصالها الى ابعد نقطة في عراقنا الحبيب.”
الثقافة الأجنبية
ومن المجلات الثقافية المهمة تبرز مجلة (الثقافة الأجنبية)، التي تحدث عنها رئيس تحريرها كامل العامري قائلاً: “إنها من المجلات الرصينة، انتشارها واسع وقراؤها هم النخبة، وهي توزع في جميع أنحاء العراق، بل إنها مطلوبة حتى في البلاد العربية، لأن هذه المجلة عريقة ولم تتوقف عن الصدور أبدا.”
وأضاف: “لقد حافظت مجلتنا على مواعيد إصدارها برغم كل الظروف التي مر بها البلد، لأنها تخاطب مستويات مختلفة من القراء، وتلاحق كل ماهو مبدع وجديد، حتى أن بعضها مطلوب على مستوى الدراسات الأكاديمية في الجامعات الأجنبية.” وعن مديات انتشارها علق العامري قائلا: “لا توجد استبيانات علمية دقيقة ومسح معرفي لاتجاهات القراء.”
وبعد غلق الدار الوطنية للنشر والتوزيع قبل عام 2003 وحتى الآن، لم تعد هناك جهة تسويقية لتلك المجلات المؤسساتية، وقد اتفق رؤساء تحريرها على أن مسالة تسويقها تعتمد على البيع المباشر من داخل المؤسسة، او العرض في معارض الكتب في داخل العراق وخارجه، وهي تنفد عند عرضها لكثرة الطلب عليها من قبل المهتمين لرصانتها، حسب تعبير رؤساء تحريرها. ومازال الباحثون والناشرون فيها من داخل البلد وخارجه يطلبون تلك المجلات، إلا أن وسائل إيصالها إليهم مازالت معقدة لعدم وجود جهة متعهدة بتوزيعها.