دار الشؤون الثقافية.. مطابع حديثة وأسعار تنافسية

259

علي الشيخ داغر تصوير / حسين طالب

في محاولة للخلاص من إشكالية التمويل الذاتي الذي يثقل كاهلها، عمدت دار الشؤون الثقافية، وهي إحدى مديريات وزارة الثقافة والسياحة والآثار، للجوء الى الشراكة مع القطاع الخاص بغية تعزيز مواردها وتقديم الأفضل للمؤسسات الرسمية والأهلية وجميع الراغبين بطباعة الكتب فيها. مجلة (الشبكة العراقية) زارت الدار وتجولت في أروقتها ومخازنها واطلعت على أحدث المطابع الموجودة هناك، فضلاً عن زيارة بعض أقسامها.

عروض جيدة
المدير العام لدار الشؤون الثقافية، المستشار الثقافي لرئيس مجلس الوزراء، الدكتور عارف الساعدي، تحدث لنا عما كانت تعانيه الدار في الفترة الماضية، مبيّناً أن “الدار مملوكة للدولة وتمول ذاتياً، وقد عانت من تهالك مطابعها وقدمها وقلة الكادر المتخصص فيها.” مشيراً الى أن “كتباً ومناشدات كثيرة قُدمت من طرفهم حاولوا فيها إقناع الحكومة بتحويلها إلى التمويل المركزي، لكن للأسف لم يحصل ذلك، لأن هذا التعديل بحاجة الى قرار برلماني.” وأضاف (الساعدي): “لذلك لجأنا الى الخيار الثاني وهو الشراكة مع القطاع الخاص، إذ عقدنا شراكة مع هذا القطاع الذي جهز الدار بمطابع عديدة وحديثة تواكب تطورها المعاصر، فضلاً عن معامل تصحيف حديثة وتجهيز القاعات الكبرى لذلك العمل، ما منح دار الشؤون الثقافية هامشاً مريحا للعمل ولتقديم عروض جيدة للوزارات كافة، وليس لدور النشر فقط.” مشيراً الى “نجاح جهودهم بتفعيل القرار السابق الذي يقضي بأن تطبع الدولة بكافة وزاراتها في دار الشؤون الثقافية، مؤكداً حصولهم على دعم السيد رئيس مجلس الوزراء لهذا القرار، وهو ما أفضى في النهاية الى التعاقد مع بعض الوزارات لغرض طباعة منشوراتهم.” أما بشأن دور النشر المحلية وإمكانية دعم الدار لمشاريع ونتاجات هذه الدور، أوضح (الساعدي) أن “معظم دور النشر العراقية تطبع إصداراتها في دول مجاورة، مبررين ذلك بسبب الوضع المالي لهذه الدور، الذي يدعوها للطباعة خارج العراق بسبب الأسعار المخفضة في تلك الدول بسبب تضخم عملتها أمام الدولار.”
عراقة الدار
جولتنا قادتنا إلى قسم المطبعة في الدار، وهناك التقينا السيد (أكرم عبد الرحمن)، معاون مدير قسم المطبعة، الذي أوضح أن قسمهم يحتوي على خمس قاعات تضم مكائن حديثة لطباعة كافة أنواع المطبوعات، مثل الكتب والمجلات والبوسترات الملونة والاستمارات والوصولات لجميع وزارات الدولة، إضافة الى تجليد الكتب والسجلات وفق أحدث المواصفات.
عبد الرحمن أوضح أن دار الشؤون الثقافية امتازت بطباعتها لأعرق المجلات العراقية منذ أكثر من نصف قرن، من بينها (الأقلام) و(المورد) والأخيرة مجلة – مُحكمة – بمعنى أن أي بحث ينشر فيها يؤخذ كدرجة علمية، فضلاً عن طباعتها لمجلات (التراث الشعبي)، و(الثقافة الأجنبية)، و(الثقافة التركمانية)، ومجلة (لمحات) المختصة بالعلوم الاجتماعية، إضافة إلى طبع ما يصل الى مائة وعشرين عنواناً ثقافياً في السنة، موزعة بين السرد والشعر وكتب المعرفة وبقية الاختصاصات الأخرى. مضيفاً: “ما يميزنا عن باقي دور النشر هو أن غالبية الكتّاب العراقيين يطمحون الى طباعة كتبهم من خلال الدار، وذلك لعراقتها، حتى إن تأخر هذا الكتاب لسنة أو سنتين بسبب غزارة ما يقدم لنا من نتاجات إبداعية عراقية.” مبيّناً أن “الدعم الأخير من قبل رئيس مجلس الوزراء، أسهم في تجديد مكائن الطباعة، وأن الدار تمتلك اليوم أحدث مطابع (الرول، والدبل رول، والأوفسيت) ومعامل التصحيف، والصمغ الحراري، وهو ما مكنهم من توقيع عقود جديدة لطباعة المناهج الدراسية بمواصفات عالية وبفترات زمنية قياسية.”
خصومات كبيرة
في حين تحدثت السيدة (هدى كاظم)، مسؤولة شعبة البيع المباشر وتوزيع المكتبات، عن نتاجات الدار من الكتب ومواصفاتها وأسعارها، إذ قالت إن: “أسعار كتب الدار جيدة جداً، وهي مناسبة ورخيصة قياساً بأسعار كتب دور النشر الأخرى، وهو ما يدفع بطلبة الدراسات العليا الى اقتناء منشوراتهم، أولاً لأهميتها ورصانتها، وثانياً لوجود خصومات كبيرة في أسعارها، تصل الى 25% على الكتب الصادرة منذ العام 2019 وحتى اللحظة، وقد تصل إلى 50% للكتب الصادرة قبل 2019.” مشيرةً في حديثها الى “التغيير الواضح في نتاجاتهم، سواء في نوعية الورق، او من حيث تصميم الكتب وجودة طباعتها.” مبينّة أن “مكتبة دار الشؤون التي تعمل فيها، تبدو كمعرض كتاب مفتوح، وأن هناك اقبالاً كبيراً على الكتب الصادرة منها، فضلاً عن مشاركاتهم الدائمة في معارض الكتب الدولية في العراق وخارجه.”
توصيل مجاني
كذلك لابد لنا، عند الكتابة عن أي دار نشر، التطرق الى وسائل تخزين الكتب وتسويقها، وهو ما تناولناه مع السيد (سعد ارسيم) الذي يعمل في قسم المخازن، الذي أوضح أن “العملية التي تلي طباعة الكتب، هي إيداعها في مخازن الدار وتقسيمها بحسب تصنيفاتها، ثم إيصال العناوين المطبوعة حديثاً الى مكتبات المتنبي وبقية المكتبات في بغداد والمحافظات، وبجميع اختصاصاتها، وما إن يتم الاتفاق مع هذه المكتبات بشأن منشورات دار الشؤون الثقافية وتحديد عناوينها، حتى تقوم الدار بإيصال هذه الكتب الى جميع المكتبات (مجاناً)، أي دون استيفاء أجور التوصيل.”
انتهت جولتنا في دار الشؤون الثقافية وأقسامها، التي فتحت أبوابها لجميع وزارات ومؤسسات الدولة، على أمل نجاح مشروعهم الجديد للخلاص من عبء التمويل الذاتي الذي أخر مشاريع واحدة من أعرق دور النشر في العالم العربي.