عيد الهالوين “العراقي”
عالية طالب/
عيد الهالوين, عيد التنكر الغرائبي بملابس السحرة والألوان الفاقعة ورواية القصص المخيفة والاقتراب من أفلام الرعب المتطرفة.. كلّ هذا بعض من تقاليده بالرغم من أن المتعارف عليه هو عيد القديسين وجاء متوارثاً من تقاليد مهرجانات الحصاد في ثقافة السلتيك، وينبع من جذور مسيحية بحتة.
هذا العيد لم يظهر محلياً حتى في البيئة المسيحية المعروفة بوجودها في تجمعات أمكنة تتآزر فيما بينها، ولم ينتشر لا في الأزياء ولا الماكياج ولا في إضاءة الشموع على قبور الموتى، ولا في تزيين تجويف نبات القرع بوجه تضيئه الفوانيس ليشكل لوحة مرعبة للمتلقي، لكنْ وباستدراك استقرائي نجد أن هذا العيد أصبح واقعاً عراقياً على مدار السنة وليس لليلة نهاية شهر أكتوبر كما هو عالمياً، هذا العيد نجده يومياً أينما تلفتنا ونحن نرى اختلاف أزياء الشخص الواحد حسب الحاجة لتمرير مصالحه فنراه في الجبة والقفطان محلياً وفي الكاوبوي والقبعة الإفرنجية خارج أسوار الوطن، ولحصة المرأة وفرة عجيبة في عيد الهالوين الدائم عراقياً فهي في أزياء مختلفة طوال يومها ما بين السفور والحجاب والعباءة والتبرج الباذخ ونفخ وشد وإضاءة وتعتيم وجهها وكأننا في لعبة لا يمكن الوصول إلى نهايتها أبداً!
مجتمع يعيش دوامة البحث عن رضا الآخر، وهذا الآخر يتنقل بحرية عجيبة داخل حيواتنا فينشر “هلوينه” الخاص على أمكنتنا فتختفي سمات مشتركة مجتمعيا لتظهر أخرى منفردة ومنشطرة إلى مشتركات لم تكن مقبولة يوماً لتصبح إدماناً إجبارياً علينا أن نبتلع طعمه ونهتف لبقائه واستمراره كلما لوّح لنا صاحب الهالوين بالحلوى أو الخدعة، لا فرق كبير ما دام الأمر سينتهي بالحصول على صفقة قد تنفع المرسل والمستقبل ولا يهم ما ستتركه من آثار على ازدواجية الشخصية العراقية التي لم تعد تحتمل الكثير من الإضافات على تعدد أوجهها المتصارعة.
نساء يتخفين وراء عباءة ما أن تنفرج حتى تنتقل معها إلى صورة أخرى مناقضة تماماً للإطار الخارجيّ، ورجال يضحكون سراً وهم يرددون ما حفظوه من متطلبات الواقع الذي جاد عليهم بما لم يحلموا به يوماً فازدادت مساحة الصراخ لتحلّ محلّ الوعي والحوار الهادىء الرصين.
عيد الهالوين “العراقي” سيسرق شخصياتنا منا ولن نعود نعرف جيداً أين نضع خطواتنا ما دمنا نرتدي أقنعة ملونة كلّ قليل ونحن نفكر بما يستوجب علينا فعله في الزمان والمكان الذي نتواجد فيه متنكرين بنحت القرع ووضع فوانيس جاك التي لن ترسل ضوءها لتمدد مساحة الرعب والخوف والترقب من واقع غرائبي علينا أن نرفضه لننتزع القناع عن القناع!