الكوميديـــــا فـــــن صعــــب وراقٍ لؤي أحمد: التهريج يبدأ لحظة ضحك الجمهور على الشخصية لا الموقف

24

حوار: محسن إبراهيم /

فنان كوميدي من طراز خاص، تمكن من وضع بصمته الخاصة منذ أعماله الأولى في الدراما والمسرح. وبالرغم من خوضه غمار تجربته مع كمّ هائل من النجوم الرواد، ومن أبناء جيله، إلا أن إصراره على تحقيق حلمه أثمر في النهاية ليكون أحد الأسماء المهمة في الدراما عمومًا، وبالأخص الكوميدية منها.

إنه الفنان لؤي أحمد، الذي شارك عبر مسيرته الفنية في العديد من الأعمال، أبرزها (برج العقرب)، حيث جسد شخصية (سمير ددو).
بعد غياب عن الساحة الفنية لفترة طويلة، عاد مؤخراً بمسلسل (بيت الطين)، ومن أجل تسليط الضوء على منجزه الفني، ارتأت “الشبكة العراقية” إجراء حوار معه، ابتدأناه بسؤال:
*عودة بعد غياب، لا بد أن تلك الفترة تحمل الكثير من الأسرار؟
-الغياب كان قسرياً، وربما لا يعرف الجمهور العزيز أني تعرضت لمحاولتي اغتيال من قبل قوى الظلام، وكنت بعيدًا عن كمائنهم بمساعدة جاري (رحمه الله)، الذي اغتيل على أيديهم قرب مقر عمله، فضلًا عن الفترة التي أعقبت الأحداث الطائفية عام 2006، التي توجه على أثرها أغلب الفنانين نحو سوريا والاستقرار فيها.
* خلال هذه الفترة، ألم يعرض عليك أي عمل؟
-بالرغم من تواصلي مع أغلب زملائي من الفنانين، إلا أن اسمي لم يطرح في أي عمل، حتى عدت العام الماضي في مسلسل (آمرلي)، وهذا العام في مسلسل (بيت الطين) الذي عرض في شهر رمضان.
* هل تجد أن من الظلم حصر الفنان في قالب واحد؟
-بالتأكيد، على الفنان الحقيقي أن يجسد في كل عمل (كاركترًا) يختلف عن الآخر، حتى لو كان يجسد شخصية لضابط أو فلاح، على الفنان أن يجتهد في لعب أدواره المختلفة كي لا يشعر الجمهور بالملل. لكن لا تنسَ أن عملية التأليف، والإخراج، والإنتاج، تتحكم أيضًا في هذا الأمر.
* غالباً ما تعلق شخصية ما في ذاكرة الجمهور، بالنسبة لك، هل كان (سمير ددو) هذه الشخصية؟
-شخصية (سمير ددو)، في مسلسل (برج العقرب)، ربما كانت من الشخصيات التي عشقها الجمهور، وهذا المسلسل كان متابعًا من أغلب المشاهدين، حتى قيل وقتها، أن الشوارع تبدو وكأنها دخلت حظراً للتجوال عند عرضه، وبالمناسبة كلمة (ددو)، لا تعني شيئًا معينًا، بل إن كل ما في الأمر، أني ابتكرت هذه اللازمة لشخصيتي الكوميدية وأدخلتها في العمل، وظهرت هذه الكلمة من وحي الخيال، وكانت لازمة جميلة مازال الجمهور حتى اللحظة يناديني بها.
* الكوميديا فن راق وصعب، برأيك متى يقترب العمل الكوميدي من التهريج؟
– عندما يُترك الحبل على الغارب، سواء أكان على الورق أو في الإخراج، أو عند وجود ممثل لا يكترث بما يقدمه، وأحيانًا حين لا يكون هناك التزام أخلاقي بما يُقدم على خشبة المسرح أو شاشة التلفاز. اللحظة التي يضحك فيها الجمهور على الشخصية تكون قمة التهريج، لكن عندما تكون الكوميديا مدروسة وتقدم الموقف، هنا ستكون فنًا راقيًا.
* في مسلسل (آمرلي) قدمت عملًا رائعًا، هل يمكن للفنان أن يُعدّل، أو يتدخل في النصّ المكتوب له؟
-(آمرلي) كان بداية عودتي إلى الدراما، الشخصية التي قدمتها فيه شخصية جيدة، ترسخت من خلال النصّ، والجهد المقدم في الإخراج، وحضور كمّ من الممثلين المشتركين في العمل. أما بخصوص إمكانية تعديل النصّ، نعم يمكن للفنان أن يتدخل فيه، إن كانت هناك ضرورة، لكن بعد مشاورة المؤلف والمخرج، وهذا ما حدث معي كثيرًا.
* كان اسمك موضوعًا على لائحة المنع في فترة معينة، ما السبب؟
-نعم، وهناك قناة فضائية ذكرتني بالاسم، لا أعرف ما السبب، هل هو لعدم انتمائي للنظام السابق، أو انتمائي لأحد الأحزاب بعد سقوط ذلك النظام المباد؟!
* لماذا توقفت عن تقديم الأعمال المسرحية، هل اعتزلت خشبة المسرح؟
– المسرح، كما يقال، هو البيت الأول، وهناك انتماء روحي لخشبته. لم أعتزل المسرح، ربما ابتعدت عنه للظروف التي تحدثت عنها سابقًا، لكنني سأعاود الصعود على خشبته بعد عيد الفطر، وذلك لتقديم مسرحية (وين رايحين)، التي عرضت على مسرح الرشيد ولاقت استحسان الجمهور.
* أين تكمن مشكلة المسرح، في جمهوره، أم بالفنان وما يقدمه فيه؟
– مشكلة المسرح سياسية، إذ أن الفشل في إدارة الدولة، وسوء إعمار مؤسساتها، وتعب المواطن وإرهاصاته بسبب قلة الخدمات المقدمة إليه، وتذبذب سعر صرف الدولار وتأثيره على أرزاق المواطنين، ومشكلات الساسة وأكاذيبهم، كل هذا جعل المواطن لا يفكر إلا بلقمة عيشه، ما أبعده عن المسرح، الذي كان ملاذه الأخير وصانع مسراته.
* هل أنتَ راضٍ عما قدمته في مشوارك الفني حتى الآن؟
-الرضا -كما يقال- غاية لا تدرك، وحين يصل الفنان إليه، يكون قد كتب نهايته بنفسه، على الفنان مراجعة نفسه على الدوام، طامحًا بتقديم الأفضل. لكن في النهاية، يبقى هذا الأمر منوطًا بالجمهور، هو من يقيم أداء الفنان ويرضى عما يقدمه له.
* هل تؤمن بـ (الكروبات)، في العمل، أعني أن تكون حصرًا عند مؤلف أو مخرج؟
– لا أؤمن بهذا الأمر، فلكل كاتب ومخرج رؤية معينة في العمل، ما يتيح للفنان عدم تكرار نفسه فيما يقدمه لجمهوره.