9 نيسان

16

حليم سلمان /

لا شك في أن التاسع من نيسان يعد من الأيام المفصلية في تاريخ العراق، فهو يحمل حدثين كبيرين شكّلا منعطفًا حادًا في مسيرة وحياة العراقيين، أولهما استشهاد المرجع والمفكر الإسلامي السيد محمد باقر الصدر عام 1980، والثاني انهيار نظام البعث الديكتاتوري في 9 نيسان 2003، حين سقط تمثال الطاغية في ساحة الفردوس، إيذانًا بانتهاء مرحلة حكم استبدادي دامت أكثر من ثلاثة عقود.
ثمة اختلاف، وليس خلاف، حول هذا اليوم، ينقسم العراقيون فيه إلى فئتين، فمنهم من يحتفل بسقوط الدكتاتور صدام حسين، والآخر يتفق على عظمة الشهيد الصدر ومكانته، لذا صار هذا اليوم ذكرى للاستشهاد. ففي مثل هذا اليوم من عام 1980، أقدمت سلطات النظام البعثي الصدامي على ارتكاب واحدة من أفظع الجرائم في تاريخ العراق الحديث، حين اعتقلت، ثم أعدمت، المرجع الديني الكبير السيد محمد باقر الصدر وأخته العلوية الشهيدة بنت الهدى.
لم يكن السيد الصدر فقيهًا عاديًا، بل كان مفكرًا إصلاحيًا، ومجددًا للفكر الإسلامي، وصاحب مشروع حضاري نهضوي، سعى من خلاله إلى إعادة بناء المجتمع على أساس من العدالة والكرامة والحرية، فكان استشهاده تضحية عظيمة من أجل المبادئ واحترام الإنسان.
لقد جاء يوم 9 نيسان 2003 ليسجل نهاية النظام الصدامي الذي أعدم الشهيد الصدر، ففي هذا اليوم دخلت القوات الأميركية بغداد، وسقط تمثال الطاغية في ساحة الفردوس وسط العاصمة، في مشهد شاهده العالم بأسره، “سقوط الصنم”، الذي كان بمثابة إسدال الستار على حقبة مظلمة في تاريخ العراق، مليئة بالقمع، والحروب، والانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان.
وبرغم التداعيات والعنف والفساد التي رافقت بناء العملية السياسية والنظام الجديد في العراق، فإن هذا اليوم يبقى رمزًا لتحطيم الصنم السياسي، وتذكيرًا بأن الاستبداد مهما طال فإن مصيره الزوال.
ولعل أجمل ما يتفق عليه العراقيون، الذين ذاقوا الألم والعذاب على أيدي الأجهزة القمعية للنظام السابق، هو أن يوم التاسع من نيسان يجمع بين تضحية الشهداء ونهاية الطغيان، الأمر الذي يجعلنا نقف باحترام كبير ونتساءل: كيف يمكن أن نبني عراقًا يليق بتضحيات الشهيد السعيد السيد الصدر، وألا نسمح بعودة الصنمية السياسية والطغيان والاستبداد بأشكال جديدة؟