نحباني للو
محسن ابراهيم/
“أمتي الفريزة, نحباني للو, المستحلص غاتم”, بتلك المفردات كان يطل علينا (حجي راضي) وهو يقرأ رسالة أم غانم بعفوية لامثيل لها وكيف كان (عبوسي) يحاول أن يصحح له الأخطاء ويفك رموز اللغة المشفرة، إلا أن الحجي كان مصرا على قراءة تلك الرسالة بطريقته.
ست وأربعون سنة وما زالت تمثيلية (تحت موس الحلاق) تمثل لنا أروع ما قدّمه الرعيل الأول من الممثلين العراقيين في مجال الكوميديا.. تلك النكهة الخاصة بهم والتي ما زالت حلاوتها سارية ويتذوقها الجيل بعد الجيل من دون أن تفقد من حلاوتها ونكهتها الجميلة أي شيء, تحت موس الحلاق، ليس مجرد مسلسل عراقي كوميدي فحسب، بل يمثل أكثر من ذلك لمن تابعه وخصوصا من العراقيين، لأنه أحتوى على الكثير من العبر الأخلاقية والكثير من لمحات المجتمع العراقي. والحياة العراقية في فترة الستينات، كما إنه يعتبر قمة في الأداء الفني والعمل التلفزيوني من قبل الكثير من النقاد والمتابعين للفن التمثيلي العراقي, فهو مسلسل الأجيال الأكثر رسوخاً في الذاكرة العراقية والذي مهما أعيد عرضه تراه يتابع بلا ملل.
السهل الممتنع ذلك الأسلوب الذي اتخذه سليم البصري لتناول ظواهر مجتمعية كانت سائدة آنذاك ولاسيما موضوع محو الأمية, ماميز هذا المسلسل الأداء العفوي وبساطة النص وسلاسته وشعبية المفردة المتداولة محليا، قد جعلته مقرباً إلى قلوب العراقيين عموماً والبغداديين خصوصاً. مفردات حجي راضي ذكرتني ببعض من المراسلين والصحفيين الذين يتحدثون أو يكتبون في مؤسسات إعلامية، ومن المضحك المبكي أن تستمع وتقرأ لهم وهم يحللون ويناقشون قضايا ساخنة، ويذهبون بعيدا وكأن لهم القدح المعلى في عالم الإعلام. مايقدموه يشبه الى حد بعيد ما قرأه حجي راضي, رموز وكلمات لايفقها إلا الراسخون في العلم، ليكتشف القارئ والمشاهد والمستمع أنه بحاجة الى أكثر من (عبوسي) ليفك طلاسم نحباني للو الإعلامية!!