جسد
آمنة عبد النبي/
ضَفِيرة طويلة ومُبطنة ويعاد تدويرها لأغراض سياسية ومدنيّة ودينية، علماً أنني أُشبّهها بعملية تلصيق أعضاء تناسلية أنثوية لروبوت بشري ومُطيع تكنولوجياً. ففي غرب العراق مايزال البعض يستبق اسمها القروي المتيبس بعبارة (تكرم مرة). أما الجنوب الحزين فالقاصي والداني يشهد بأن الفصليّة بقيمة النسويّة سارية المفصول، أمّا الشمال البراق فما زالت ترن بذاكرتي حكاية الرعب عندما فرّت هاربّة بطفلها اللقيط من الشمال إلى أوروبا. الغريب اللاغريب أنني لا أجد من المتعلقات بأستار (الكعبة) أو أستار(ماركس) من تُجيب عن تلك المظالم، فغالبية الناشطات أو المشتقات من تلك العناوين، لانسمع أصواتهن إلا بحس ميل الهوى السياسي المؤدلج تبعاً لجغرافية الموقف والموقع، أو بالأجزاء المتعلقة بمصالحهن أو بجيب الجهة السياسية الممولة تحت الستار، ليظل السؤال: هل وصلت أمتنا النسوية الى هذا الحد من الأدلجة والخرس أو الرضوخ؟
هل تحولت الأصوات النسويّة الممتدة على مرمى برامج التواصل الاجتماعي والشاشات والعوالم الافتراضيّة بحبرها وفكرها الى حفنة توابع وذيول وسناب چات، او ليس بأكثر من باحثات عن حصد الإعجابات التي أذكر منها، للطرافة المُبكية، القطة التي استقرت بحضن فتاة مجهولة وعدت الجمهور الفيسبوكي المتجمهر بحدث عظيم خلال دقائق لتجمع حولها ثلاثة ملايين افتراضي. هل يمكن اختزال بلاغة نازك الملائكة ونبل حنجرة عفيفة اسكندر، وهرمونيّة زها حديد، بما آل إليه الواقع النسوي المُهمّش منه وإليه؟ وهل يحق لإحدانا أن تتساءل بعد ذلك: هل أصبحت القضيّة الجوهرية حكراً على الرجل ولايتصدى لحملها غيره؟ السؤال هنا موجّه للمرأة لا للرجل، هل القوامة، تلك الأسطوانة المشروخة التي تصدّعت منها الرؤوس، لاتشمل التصدي لطرح القضيّة، ومهما كانت درجة حساسيتها بحس نسوي شجاع؟ ألا يُعتبر التنازل عن مواجهة الاستلاب النسوي بتلك الدونيّة؟ هو بحدِ ذاته تسليماً كاملاً للخضوع الاجتماعي والسياسي والديني، ومن قبلهما العشائري، علماً ان الإطلاقية في اتهام العشيرة، كباكورة اجتماعية تلم شملها سجادة النسيج العام، هو خطأ فادح طالما أن الكثير من عشائرنا في الغربية والشرقية والشمالية والجنوبية، مُجندة لتحمي العِرض، لكن مانستهدف بمرمى النيران هو (العشرنة) كما يشير إليها الشابندر غالب في مؤلفه “الدولة والعشيرة”.