كوتا…
نرمين المفتي/
في غالبية دول العالم الديمقراطية، هناك مجلسان، كما كان في العراق في العهد الملكي، أحدهما للنواب، ولابد أن يكونوا من حملة الشهادات، والآخر للأعيان، الذي لا يشترط الشهادة. والقرارات أو القوانين يتخذها مجلس النواب فقط، ومجلس الأعيان يحق له أن يشير إلى مشكلة أو تتم مشاورته في أخرى.
قانون الانتخابات، برغم المآخذ عليه، لكنه بتحديد الشهادة، يحاول أن يبدأ أولى الخطوات نحو تصحيح الأخطاء. ربما في السنوات المقبلة، حين تستقر الأوضاع وتعود الحياة إلى طبيعتها، سيُشكل مجلس للأعيان. بدءاً، أتمنى على الكوادر التعليمية الأجلّاء، خريجي دور ومعاهد المعلمين وشهاداتهم الدبلوم، أن لا يعتبروا أن عدم امتلاكهم للبكالوريوس صعوداً نقطة ضدهم، أبداً، فهم بناة الأجيال، وكل شهادات العالم تصغر أمام مهمتهم المقدسة.
أرجع إلى تحديد الشهادة للمرشحين، المعروف أن الدراسة الجامعية الأولية في أية كلية علمية أو إنسانية تدرب الطالب على البحث العلمي وإيجاد الحلول المنطقية ويطلب منه سنوياً، في الأقل، تقديم أربعة بحوث في مشاكل مختلفة ليقوم بتحليلها وتجزئتها وإيجاد الحلول الممكنة لها علمياً، ومشاكل العراق العويصة والملحّة في آن بحاجة إلى مثل هكذا عقليات لإيجاد الحلول المناسبة لها. إن تمرير مجلس النواب لكوتا خاصة بحملة شهادة الإعدادية أمر غريب، أولاً بسبب تأكيد عدد من النواب في لقاءات تلفزيونية أن النصاب لم يكن مكتملاً وثانياً استخدام مصطلح (كوتا) الذي يستخدم للأقليات والمرأة. إن دورات المجلس التي مضت قامت بترحيل قوانين مهمة من دورة إلى أخرى وسجلت جلساتها غياب كثير وقامت بتمرير قوانين خاصة بامتيازات النواب وتصرفت دائماً وكأنها في واد والناخبين في واد آخر وبعيد جداً. وقطعاً من الغريب أن أعطي مثلا أميركياً عن عمل النواب، في أولى زياراتي إلى أميركا في تشرين الأول ٢٠٠٣ رفضت السفارة الأميركية في عمان منحي الفيزا واستغربت من مكالماتهم الهاتفية مؤكدين أن الفيزا جاهزة وعرفت السبب أن هيلاري كلينتون قامت بالتدخل لأنها كانت نائبة عن المنطقة التي تسكنها صديقتي التي لم تمنحها صوتها، وتقدمت بالشكوى لديها من خلال البريد الإلكتروني. كنت سأشعر بارتياح كبير لو أن النواب العراقيين يتصرفون حقيقة بتمثيل مناطقهم وليس الناخبين فقط، ولكن هذه الديمقراطية العرجاء التي تعتمد المحاصصة والدين والمذهب والقومية والتي وضع أسسها السيئة بريمر، جعلت مجلس النواب سلطة غريبة لا علاقة لها بالناخب.
وعلى فكرة، قد يكون من بين أصحاب الشهادات من نجح بالغش وبمساعدة الأساتذة لسبب أو لآخر، ومن يحمل شهادة مزورة أو حصل عليها وهو أثناء الخدمة مخالفاً الشروط والقوانين التي تلزم موظفي الخدمة العامة، ومن بينهم النواب، بعدم الدراسة أثناء الخدمة، وهذه المشكلة ستنحل أيضاً بعد كشف ملفات الفساد، أو آمل هكذا.