كلمة أولى

1٬289

رئيس التحرير/

ربع قرن من الزمن، عاشها صديق لي، في سوريا، وكان مولعاً بقطع بطاقات اليانصيب كل شهر، لكنه لم يربح قرشاً واحدا، طوال هذه السنوات. وقلت له مرة ساخراً، لو أنك احتفظت بالمال الذي انفقته على بطاقات اليانصيب، لكنت تملك، اليوم، ثروة أكبر بكثير من قيمة الجائزة التي انتظرتها ولم تأت.

وفي السياسة قضينا ثلاثة أرباع أعمارنا، وعندما نلتفت اليوم الى الماضي لا نجد سوى الخيبات وذكريات الإعتقال والملاحقات البوليسية والغربة والمنفى. والأمر يشبه بطاقات اليانصيب فقد كنا نحلم بإن نربح وطنا آمناً يوفر لأبنائه الحياة الحرة الكريمة، لكننا اكتشفنا، بعد كل هذه العقود من النضال والكفاح والمرارات، أننا لانزال عند المربع الأول، إن لم نكن في المربع صفر.

وخلال السنوات الأثنتي عشرة السالفة وحدها، “صرفنا” من الكلام والجدل والشعارات والحوارات والحماقات، مايكفي لأن نكون اليوم بلداً أوروبي الطراز في نظامه السياسي، لو أننا عملنا بمعشار ذلك الجدل العقيم، على بناء مؤسسات الدولة وإقامة العدل وسيادة القانون ومنع نهب الثروات العامة.

وأتذكر عبارة ظريفة للصديق الشاعر عبد الكريم كاصد، قالها، وكنا خارجين من اجتماع حزبي فاشل: لو أننا كنا تدربنا، خلال العشرين سنة الماضية من العمل في السياسة، على رفع الأثقال لكنا اليوم من أبطال العالم بالكمال الجسماني!

وما دمنا نتحدث عن الأحلام والأوهام أختم بالنكتة التالية: حلمت إمرأة بإن رجلا يلاحقها إينما ذهبت. وفي النهاية حاصرها في مكان مغلق فصرخت به: ماذا تريد مني يا إبن…؟ فقال لها الرجل بهدوء: بنت الـ….ليش آني الحلمان لو أنتي؟